وقيل هى مشتقة من الرفعة والتفضيل ؛ لقوله تعالى (١) : (وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا). ومنه الحديث : كنت نبيئا وآدم بين الماء والطين ، يعنى علمه سبحانه. فأمّا أن يكون نبيئا حقيقة وهو غير موجود فلا يتصوّر ؛ لأن كونه نبيئا يدل على وجوده عليه الصلاة والسلام ، وكلّ نبىء مخبر ، وليس كل مخبر نبىء ؛ إذ لا يجوز استعمال هذا الاسم فى غير الأنبياء ، وإن كان المخبر صادقا.
(نَظَرَ) : له معنيان من النظر ، والانتظار ؛ ومن الانتظار يتعدّى بغير حرف. ومن نظر العين يتعدى بإلى ، ومن نظر القلب يتعدّى بفى.
(أَنْداداً (٢)) : جمع ند ، وهو المضاهى والمماثل والمعاند ؛ والمراد به هنا الشركاء المعبودون مع الله ؛ والمقصود الأعظم منها الأمر بتوحيد الله ، وترك ما عبد من دونه ، وذلك [١٩٥ ب] هو الذى يترجم عليه بقولنا : لا إله إلا الله ؛ فيقضى ذلك الأمر بالدخول فى دين الإسلام الذى قاعدته التوحيد ، وقول لا إله إلا الله الذى تنزّهت عن سمة الحديث ذاته ، ودلّت على وحدانية آياته ؛ الأول الذى لا بداية لأزليته ، الآخر الذى لا نهاية لسرمديّته ، الظاهر الذى لا شك فيه ، الباطن الذى ليس له شبيه ، كلم موسى بكلامه القديم المنزّه عن التأخير والتقديم لا بصوت يقرع ، ولا بنداء يسمع ، ولا بحروف ترجع ، كل الحروف والأصوات والنداء محدثة بالنهاية والابتداء ، جلّ ربنا وعلا وتبارك وتعالى.
(نَكالاً (٣)) : عقوبة لما تقدم من ذنوبهم وما تأخّر. وقيل عبرة لمن تقدم وتأخر ؛ والمراد بهم فى البقرة أصحاب السّبت ؛ ليتعظ بهم من يأتى بعدهم. وأما قوله تعالى (٤) : (فَأَخَذَهُ اللهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى). فالمعنى أنه غرقه
__________________
(١) مريم : ٥١
(٢) البقرة : ٢٢
(٣) البقرة : ٦٦
(٤) النازعات : ٢٥