وهذه الكلمة كثر ورودها فى القرآن ، فحذف النون منها تخفيفا من غير قياس ؛ بل تشبيها بحروف العلة ، وأتى ذلك فى بضعة عشر موضعا : سبعة (١) منها (يَكُ) بالياء ، وموضعان (نَكُ) بالنون ، وموضع آخر أك بالهمزة. والله أعلم.
(ضَنْكاً (٢)) ؛ أى ضيقة. والمعنى أن الله تعالى ضيّق عليه المعيشة ؛ وهكذا حال من أنعم الله بوجوده من سبع ورزقه من سبع ، فكفر بأنعم الله ، وأعرض عنها ، وصرف همّته لغير ربّه أن يضيق عليه فى الدنيا ، ويحشر أعمى فى العقبى ، قال (٣) : (كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى).
فإن قلت : أما خلقتنا من سبع ، فقد فهمناها من الآية الكريمة ، وأما رزقنا من سبع فلم نفهم معناها.
والجواب أنّ الله خلقنا فى سبعة أحوال من سبعة أشياء ، وأرواحنا من سبعة أشياء ، وخلق لنا سبعة أركان ظاهرة ، وسبعة أركان باطنة ، ثم رزقنا من سبعة أشياء ، ثم وعدنا بسبع مقامات.
أما الأحوال السبعة فقال تعالى (٤) : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ...). وأما الأرواح فمن النار ، والنور ، والريح ، والطيب ، والعلم ، والأنس ، والبقاء ، ثم جمعه فى قلبك فحينئذ تتحرك فى بطن أمك ؛ فحرارة الروح من النار ، وضياؤه من النور ، وطهارته من الطيب ، ونفسه من الريح ، وذهنه من العلم ، وألفته من الأنس ، وحياته من البقاء.
ثم رزقك من دم الحيض إلى حال الخروج ، ثم اللبن إلى الفطام ، ثم بعد ذلك خمسة أشياء : الماء من السماء ، والنبات من الأرض ، واللبن من الثدى ، والثمار من الشجر ، واللحم من الأنعام.
__________________
(١) هى ثمانية
(٢) طه : ١٢٤
(٣) طه : ١٢٦
(٤) المؤمنون : ١٢