ثم يليه في الرتبة إلى القرب علم إعراب اللغة وهو النحو ، فهو من وجه يقع بعده لأن الإعراب بعد المعرب ، ولكنه في الرتبة دونه بالإضافة إليه لأنه كالتابع للغة.
ثم يليه علم القراءات وهو ما يعرف به وجوه الإعراب وأصناف هيئات التصويت ، وهو أخصّ بالقرآن من اللغة والنّحو ، ولكنه من الزوائد المستغنى عنها دون اللغة والنحو فإنهما لا يستغنى عنهما. فصاحب علم اللغة والنحو أرفع قدرا ممن لا يعرف إلا علم القراءات ، وكلهم يدورون على الصّدف والقشر وإن اختلفت طبقاتهم.
ويليه علم التفسير الظاهر ، وهو الطبقة الأخيرة من الصّدفة القريبة من مماسّة الدّرّ ، ولذلك يشتد به شبهه حتى يظن الظانّون أنه الدّرّ وليس وراءه أنفس منه ، وبه قنع أكثر الخلق ، وما أعظم غبنهم وحرمانهم ، إذ ظنوا أنه لا رتبة وراء رتبتهم ، ولكنهم بالإضافة إلى من سواهم من أصحاب علوم الصدف على رتبة عالية شريفة ، إذ علم التفسير عزيز بالنسبة إلى تلك العلوم ، فإنه لا يراد لها بل تلك العلوم تراد للتفسير ، وكل هؤلاء الطبقات إذا قاموا بشرط علومهم فحفظوها وأدّوها على وجهها ، فيشكر الله سعيهم وينقّي وجوههم كما قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «نضّر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها فأدّاها كما سمعها ، فربّ حامل فقه إلى غير فقيه ، وربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه» ؛ وهؤلاء سمعوا وأدّوا ، فلهم أجر الحمل والأداء ، أدّوها إلى من هو أفقه منهم أو إلى غير فقيه. والمفسر المقتصر في علم التفسير على حكاية