المتكلّمون ، وهذا العلم قد شرحناه على طبقتين ، سمينا الطبقة القريبة منهما «الرسالة القدسيّة» ؛ والطبقة التي فوقها «الاقتصاد في الاعتقاد». ومقصود هذا العلم حراسة عقيدة العوامّ عن تشويش المبتدعة ، ولا يكون هذا العلم مليّا بكشف الحقائق ، وبجنسه يتعلق الكتاب الذي صنفناه في «تهافت الفلاسفة» والذي أوردناه في الرد على الباطنيّة في الكتاب الملقب «المستظهري» وفي كتاب «حجّة الحقّ وقواصم الباطنية». وكتاب «مفصّل الخلاف في أصول الدين». ولهذا العلم آلة يعرف بها طريق المجادلة بل طرق المحاجّة بالبرهان الحقيقي ، وقد أودعناه كتاب «محكّ النظر» وكتاب «معيار العلم» على وجه لا يلفى مثله للفقهاء والمتكلمين ، ولا يثق بحقيقة الحجّة والشّبهة من لم يحط بهما علما.
ـ والقسم الثالث : علم الحدود الموضوعة للاختصاص بالأموال والنساء ، للاستعانة على البقاء في النفس والنسل ، وهذا العلم يتولّاه الفقهاء ، ويشرح الاختصاصات المالية ربع المعاملات من الفقه ؛ ويشرح الاختصاصات بمحل الحراثة أعني النساء ربع النكاح ؛ ويشرح الزّجر عن مفسدات هذه الاختصاصات ربع الجنايات ، وهذا علم تعمّ إليه الحاجة لتعلقه بصلاح الدنيا أولا ، ثم بصلاح الآخرة ، ولذلك تميز صاحب هذا العلم بمزيد الاشتهار والتّوقير ، وتقديمه على غيره من الوعّاظ والقصّاص ومن المتكلمين ، ولذلك رزق هذا العلم مزيد بحث وإطناب على قدر الحاجة فيه ، حتى كثرت فيه التصانيف ، لا سيما في الخلافيّات منه ، مع أن الخلاف فيه قريب ، والخطأ فيه غير بعيد عن