بدرقة طريق الحج وحارسه إلى الحجاج ، فهؤلاء إن أضافوا إلى صناعتهم سلوك الطريق إلى الله تعالى بقطع عقبات النفس ، والنّزوع عن الدنيا ، والإقبال على الله تعالى ، ففضلهم على غيرهم كفضل الشمس على القمر ؛ وإن اقتصروا فدرجتهم نازلة جدا.
ب ـ الطبقة العليا من علوم اللّباب
وأما الطبقة العليا من نمط اللّباب فهي السوابق والأصول من العلوم المهمّة ، وأشرفها العلم بالله واليوم الآخر لأنه علم المقصد ، ودونه العلم بالصراط المستقيم وطريق السلوك ، وهو معرفة تزكية النفس ، وقطع عقبات الصفات المهلكات ، وتحليتها بالصفات المنجّيات ، وقد أودعنا هذه العلوم بكتب «إحياء علوم الدين» ففي ربع المهلكات ما تجب تزكية النفس منه ، من الشّره والغضب ، والكبر والرّياء والعجب ، والحسد وحب الجاه وحب المال وغيرها ، وفي ربع المنجيات يظهر ما يتحلّى به القلب من الصفات المحمودة كالزهد والتوكل والرضا والمحبة والصدق والإخلاص وغيرها.
وبالجملة يشتمل كتاب «الإحياء» على أربعين كتابا ، يرشدك كل كتاب إلى عقبة من عقبات النفس ، وأنها كيف تقطع ، وإلى حجاب من حجبها ، وأنه كيف يرفع ، وهذا العلم فوق علم الفقه والكلام وما قبله ، لأنه علم طريق السلوك ، وذلك علم آلة السلوك وإصلاح منازله ودفع مفسداته كما يظهر ، والعلم الأعلى الأشرف علم معرفة الله تعالى ، فإن سائر العلوم تراد له ومن أجله وهو لا يراد لغيره ، وطريق التدريج