وأربعين جزءا من النبوة ، وكيف ينكشف بأمثلة خيالية ، فمن يعلّم الحكمة غير أهلها يرى في المنام أنه يعلق الدرّ على الخنازير. ورأى بعضهم : أنه كان في يده خاتم يختم به فروج النساء وأفواه الرجال ، فقال له ابن سيرين : أنت رجل تؤذن في رمضان قبل الصبح ، فقال : نعم. ورأى آخر : كأنه يصبّ الزيت في الزيتون ، فقال له : إن كان تحتك جارية فهي أمك ، قد سبيت وبيعت واشتريتها أنت ولا تعرف ، فكان كذلك.
فانظر ختم الأفواه والفروج بالخاتم مشاركا للأذان قبل الصبح في روح الخاتم وهو المنع وإن كان مخالفا في صورته ، وقس على ما ذكرته ما لم أذكره.
واعلم : أن القرآن والأخبار تشتمل على كثير من هذا الجنس ، فانظر إلى قوله صلىاللهعليهوسلم «قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرّحمن» فإن روح الأصبع القدرة على سرعة التقليب ، وإنما قلب المؤمن بين لمّة الملك وبين لمّة الشيطان ، هذا يغويه ، وهذا يهديه ، والله تعالى بهما يقلّب قلوب العباد كما تقلّب الأشياء أنت بإصبعيك ، فانظر كيف شارك نسبة الملكين المسخّرين إلى الله تعالى إصبعيك في روح إصبعيه وخالفا في الصورة.
واستخرج من هذا قوله صلىاللهعليهوسلم «إن الله تعالى خلق آدم على صورته» وسائر الآيات ، والأحاديث الموهمة عند الجهلة للتشبيه ، والذكي يكفيه مثال واحد ، والبليد لا يزيده التكثير إلا تحيّرا ،