المؤكّدات لعقائد المؤمنين ، وهذا كله لأنّ نظر عقلهم مقصور على صور الأشياء وقوالبها الخياليّة ، ولم يمتدّ نظرهم إلى أرواحها وحقائقها ، ولم يدركوا الموازنة بين عالم الشهادة وعالم الملكوت ، فلمّا لم يدركوا ذلك وتناقضت عندهم ظواهر الأسئلة ضلّوا وأضلّوا ، فلا هم أدركوا شيئا من عالم الأرواح بالذّوق إدراك الخواصّ ، ولا هم آمنوا بالغيب إيمان العوامّ فأهلكتهم كياستهم ، والجهل أدنى إلى الخلاص من فطانة بتراء ، وكياسة ناقصة. ولسنا نستبعد ذلك ، فلقد تعثّرنا في أذيال هذه الضّلالات مدة لشؤم أقران السّوء وصحبتهم ، حتى أبعدنا الله عن هفواتها ، ووقانا من ورطاتها ، فله الحمد والمنّة والفضل على ما أرشد وهدى ، وأنعم وأسدى ، وعصم من ورطات الرّدى ، فليس ذلك مما يمكن أن ينال بالجهد والمنى (ما يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)(١).
__________________
(١) الآية ٢ / من سورة فاطر.