العباد ، وأنها نفس فعله الاشياء ، وبذلك جاء الخبر عن أئمة الهدى. ثم أورد هذه الرواية.
ثم قال : هذا نص على اختياري في الارادة ، وفيه نص على مذهب لي آخر ، وهو أن إرادة العبد تكون قبل فعله ، وإلى هذا ذهب البلخي ، والقول في تقدم الارادة للمراد كالقول في تقدم القدرة للفعل ، وقوله عليهالسلام : «إن الارادة من الخلق الضمير وما يبدولهم بعد الفعل» صريح في وجوب تقدمها للفعل إذ كان الفعل يبدو من العبد بعدها ، ولو كان الامر فيها على مذهب الجبائي لكان الفعل بادئا في حالها ولم يتأخر بدوه إلى الحال التي هي بعد حالها.
٥ ـ يد : في خبر الفتح بن يزيد ، عن أبي الحسن عليهالسلام قال : إن لله إرادتين و مشيئتين : إرادة حتم ، (١) وإرادة عزم ، (٢) ينهي وهو يشاء ، ويأمر وهو لايشاء ، أو ما رأيت الله نهى آدم وزوجته أن يأكلا من الشجرة وهو شاء ذلك إذ لولم يشأ لم يأكلا ، ولو أكلا لغلبت مشيئتهما مشيئة الله ، وأمر إبراهيم بذبح ابنه وشاء أن لايذبحه ، ولو لم يشأ أن لا يذبحه لغلبت مشيئة إبراهيم مشيئة الله عزوجل. والخبر بإسناده أوردناه في باب جوامع التوحيد.
بيان : قوله عليهالسلام : وهو شاء ذلك ، قيل : أي علم ذلك ، (٣) والاظهر أن يقال : إنه لما لم يصرفهما عن إرادتهما وكلهما إلى اختيارهما للمصالح العظيمة فكأنه شاء ___________________
(١) ولا يتخلف المراد عنها كما هو شأن إرادته بالنسبة إلى أفعال نفسه.
(٢) يمكن تخلف المراد عنها كما هو شأن إرادته تعالى بالنسبة إلى أفعال العباد.
(٣) ويؤيد ذلك ما حكى عن الفقه الرضوى من أنه قال عليهالسلام : قد شاء الله من عباده المعصية وما أراد ، وشاء الطاعة وأراد منهم لان المشيئة مشيئة الامر ومشيئة العلم ، وإرادته
إرادة الرضا و
إرادة الامر ، أمر بالطاعة ورضى بها ، وشاء المعصية ـ يعنى علم من عباده المعصية ـ
ولم يأمرهم بها. الخبر.
وقال الصدوق ـ بعد إيراد هذا الخبر ـ : إن الله تبارك وتعالى نهى آدم وزوجته عن أن
ياكلا من الشجرة وقد علم أنهما يأكلان منها ، لكنه عزوجل شاء أن لا يحول بينهما
وبين الاكل منها بالجبر والقدرة ، كما منعهما من الاكل منهما بالنهى والزجر ، فهذا معنى مشيئته فيهما ، ولو شاء عزوجل
منعهما من الاكل*