من جهة البداية ، والحاصل أن عمله تعالى ليس عين قولنا : «عالم» وليس اتصافه تعالى به متوقفا على التكلم بذلك ، وكذا الصور الذهنية ليست عين حقيقة ذاته وصفاته تعالى وليس اتصافه تعالى بالصفات متوقفا على حصول تلك الصور إذ بعد فناء الاشياء تفني تلك الامور مع بقائه تعالى متصفا بجميع الصفات الكمالية كما أن قبل حدوثها كان متصفا بها.
ثم اعلم أن المقصود مما ذكر في هذا الخبر وغيره من أخبار البابين هو نفي تعقل كنه ذاته وصفاته تعالى ، وبيان أن صفات المخلوقات مشوبة بأنواع العجز ، والله تعالى متصف بها معرى من جهات النقص والعجز كالسمع فإنه فينا هو العلم بالمسموعات بالحاسة المخصوصة ، ولما كان توقف علمنا على الحاسة لعجزنا ، وكان حصولها لنا من جهة تجسمنا وإمكاننا ونقصنا ، وأيضا ليس علمنا من ذاتنا لعجزنا ، وعلمنا حادث لحدوثنا ، وليس علمنا محيطا بحقائق ما نسمعه كما هي لقصورنا عن الاحاطة ، وكل هذه نقائص شابت ذلك الكمال فقد أثبتنا له تعالى ما هو الكمال وهو أصل العلم ، ونفينا عنه جميع تلك الجهات التي هي من سمات النقص والعجز ، ولما كان علمه تعالى غير متصور لنا بالكنه ، وأنا لما رأينا الجهل فينا نقصا نفيناه عنه فكأنا لم نتصور من علمه تعالى إلا عدم الجهل ، فاثباتنا العلم له تعالى إنما يرجع إلى نفي الجهل لانا لم نتصور علمه تعالى إلا بهذا الوجه ، وإذا تدبرت في ذلك حق التدبر وجدته نافيا لما يدعيه جماعة عن الاشتراك اللفطي في الوجود وسائر الصفات لامثبتا له وقد عرفت أن الاخبار الدالة على نفي التعطيل ينفي هذا القول ، وقد سبق تفسير بعض أجزاء الخبر فيما سبق فلا نعيده.
٢ ـ ج : عن هشام بن الحكم قال : سألت أبا عبدالله عليهالسلام عن أسماء الله عز ذكره واشتقاقها فقلت : «الله» مما هو مشتق؟ قال : يا هشام «الله» مشتق من إله ، وإله يقتضي مألوها ، والاسم غير المسمى فمن عبد الاسم دون المعنى فقد كفر ولم يعبد شيئا ، ومن عبد الاسم والمعنى فقد كفر (١) وعبد اثنين ، ومن عبد المعني دون الاسم فذلك التوحيد ،
___________________
(١) في التوحيد والكافى : فقد أشرك.