بالبال في تفسير هذا الخبر على الاجمال هو أن الاسم الاول كان اسما جامعا للدلالة على الذات والصفات ، ولما كان معرفة الذات محجوبة عن غيره تعالى جزأ ذلك الاسم على أربعة أجزاء ، وجعل الاسم الدال على الذات محجوبا عن الخلق ، وهو الاسم الاعظم باعتبار ، والدال على المجموع اسم أعظم باعتبار آخر ، ويشبه أن يكون الجامع هو الله والدال على الذات فقط هو ، وتكون المحجوبية باعتبار عدم التعيين كما قيل : إن الاسم الاعظم داخل في جملة الاسماء المعروفة ، ولكنها غير معينة لنا ، ويمكن أن يكون غيرها والاسماء التي أظهرها الله للخلق على ثلاثة أقسام :
منها ما يدل على التقديس مثل العلي ، العظيم ، العزيز ، الجبار ، المتكبر ، ومنها ما يدل على علمه تعالى ، ومنها ما يدل على قدرته تعالى. وانقسام كل واحد منها إلى أربعة أقسام بأن يكون التنزيه إما مطلقا أو للذات أو الصفات أو الافعال ، و يكون ما يدل على العلم إما لمطلق العلم او للعلم بالجزئيات ، كالسميع والبصير ، أو الظاهر أو الباطن ، وما يدل على القدرة إما للرحمة الظاهرة أو الباطنة أو الغضب ظاهرا أو باطنا أو ما يقرب من ذلك التقسيم ، والاسماء المفردة على ما ورد في القرآن والاخبار يقرب من ثلاث مائة وستين اسما ، ذكرها الكفعمي في مصباحه فعليك جمعها والتدبر في ربط كل منها بركن من تلك الاركان. انتهى كلامه رفع الله مقامه.
أقول : بعض الناظرين في هذا الخبر جعل الاثنى عشر كناية عن البروج الفلكية والثلاث مائة والستين عن درجاتها ، ولعمري لقد تكلف بأبعد مما بين السماء والارض ، ومنهم من جعل الاسم كناية عن مخلوقاته تعالى ، والاسم الاول الجامع عن أول مخلوقاته وبزعم القائل هو العقل ، وجعل ما بعد ذلك كناية عن كيفية تشعب المخلوقات وتعدد العوالم ، وكفى ما أو مأنا إليه للاستغراب وذكرها بطولها يوجب الاطناب.
قوله : وذلك قوله عزوجل استشهاد بأن له تعالى أسماءا حسنى ، وأنه إنما وضعها ليدعوه الخلق بها فقال تعالى : قل ادعوه ـ تعالى ـ بالله أو بالرحمن أو بغيرهما فالمقصود واحد وهو الرب وله أسماء حسنى كل منها يدل على صفة من صفاته المقدسة فأيا ما تدعو فهو حسن. قيل : نزلت الآية حين سمع المشركون رسول الله «ص» قول