الصوت لا يبصر به كما أن جزءنا الذي نسمع به لانقوي على النظر به ، ولكنه عزوجل أخبر أنه لا تخفى عليه الاصوات ليس على حد ماسمينا به نحن فقد جمعنا الاسم بالسميع واختلف المعنى ، وهكذا البصير لابجزء به أبصر كما أنا نبصر بجزء منا لاننتفع به في غيره ، ولكن الله بصير لايجهل شخصا منظورا إليه فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى و هو قائم ليس على معنى انتصاب وقيام على ساق في كبد كماقامت الاشياء ولكنه أخبر أنه قائم يخبر أنه حافظ كقول الرجل : القائم بأمرنا فلان ، وهو عزوجل القائم على كل نفس بما كسبت ، والقائم أيضا في كلام الناس الباقي ، والقائم أيضا يخبر عن الكفاية كقولك للرجل : ثم بأمر فلان أي اكفه ، والقائم منا قائم على ساق فقد جمعنا الاسم ولم يجمعنا المعنى ، وأما اللطيف فليس على قلة وقضافة وصغر ، ولكن ذلك على النفاذ في الاشياء والامتناع من أن يدرك كقولك : لطف عني هذا الامر ، ولطف فلان في مذهبه ، وقوله يخبرك أنه غمض فبهر العقل وفات الطلب وعاد متعمقا متلطفا لا يدركه الوهم فهكذا لطف الله تبارك وتعالى عن أن يدرك بحد أو يحد بوصف ، واللطافة منا الصغر والقلة فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى. وأما الخبير فالذي لا يعزب عنه شئ ولا يفوته (١) ليس للتجربة ولا للاعتبار بالاشياء فتفيده التجربة والاعتبار علما لولاهما ما علم لان من كان كذلك كان جاهلا والله لم يزل خبيرا بما يخلق ، والخبير من الناس المستخبر عن جهل المتعلم وقد جمعنا الاسم واختلف المعنى. وأما الظاهر فليس من أجل أنه علا الاشياء بركوب فوقها وقعود عليها وتسنم لذراها ، ولكن ذلك لقهره ولغلبته الاشياء وقدرته عليها كقول الرجل : ظهرت على أعدائي ، وأظهرني الله على خصمي يخبر عن الفلج والغلبة فهكذا ظهور الله على الاشياء. (٢) ووجه آخر أنه الظاهر لمن أراده لايخفي عليه شئ ، وأنه مدبر لكل ما يرى (٣) فأي ظاهر أظهر وأوضح أمرا من الله تبارك و تعالى فإنك لاتعدم صنعته حيثما توجهت وفيك من آثاره ما يغنيك ، والظاهر منا
___________________
(١) في التوحيد والعيون : ولا يفوته شئ.
(٢) في التوحيد : فهكذا ظهور الله على الاعداء.
(٣) في التوحيد والكافى : وأنه مدبر لكل ما برئ.