الحقيقه ، ويقال : فلان واحد الناس أي لا نظيرله فيما يوصف به ، والله واحد لامن عدد لانه عزوجل لايعد في الاجناس ، ولكنه واحد ليس له نظير ، وقال بعض الحكماء في الواحد والاحد : إنما قيل : الواحد لانه متوحد ، والاول لاثاني له (١) ثم ابتدع الخلق كلهم محتاجا بعضهم إلى بعض ، والواحد من العدد في الحساب ليس قبله شئ بل هو قبل كل عدد ، والواحد كيف ما أردته أو جزأته لم يزد فيه شئ ولم ينقص منه شئ ، تقول : واحد في واحد فلم يزد عليه شئ ولم يتغير اللفظ عن الواحد فدل أنه لا شئ قبله ، وإذا دل أنه لا شئ قبله دل أنه محدث الشئ ، وإذا كان هو مفني الشئ دل أنه لا شئ بعده فإذا لم يكن قبله شئ ولا بعده شئ فهو المتوحد بالازل فلذلك قيل : واحد أحد ، وفي الاحد خصوصية ليست في الواحد تقول : ليس في الدار واحد يجوز أن واحدا من الدواب أو الطير أو الوحوش أو الانس لايكون في الدار ، وكان الواحد بعض الناس وغير الناس ، وإذا قلت : ليس في الدار أحد فهو مخصوص للآدميين دون سائرهم ، والاحد ممتنع من الدخول في الضرب والعدد والقسمة وفي شئ من الحساب ، وهو متفرد بالاحدية ، والواحد منقاد للعدد والقسمة وغيرهما داخل في الحساب تقول : واحد واثنان وثلاثة ، فهذا العدد والقسمة والواحد علة العدد وهو خارج من العدد و ليس بعدد ، وتقول : واحد في اثنين أو ثلاثة فما فوقها ، وتقول في القسمة : واحد بين اثنين ، أو ثلاثة لكل واحد من الاثنين واحد ونصف ، ومن الثلاثة ثلث فهذه القسمة ، والاحد ممتنع في هذه كلها لايقال : أحد واثنان ، ولا أحد في أحد ، ولايقال : أحد بين اثنين ، والاحد والواحد وغيرهما من هذه الالفاظ كلها مشتقة من الوحدة
«الصمد» : معناه السيد ، ومن ذهب إلى هذا المعنى جازله أن يقول له : لم يزل صمدا ، ويقال للسيد المطاع في قومه الذي لا يقضون أمرا دونه : صمد ، وقد قال الشاعر :
علوته بحسام ثم قلت له |
|
خذها حذيف فأنت السيد الصمد |
وللصمد معنى ثان وهو أنه المصمود إليه في الحوائج يقال : صمدت صمد هذا الامر أي قصدت قصده ، ومن ذهب إلى هذا المعنى لم يجزله أن يقول : لم يزل صمدا
___________________
(١) وفى نسخة : لاثانى معه.