محمد بن عمر والكاتب ، عن محمد بن أبي زياد القلزمي ، عن محمد بن أبي زياد الجدي ـ صاحب الصلاة بجدة ـ قال : حدثني محمد بن يحيى بن عمر بن علي بن أبي طالب ، قال : سمعت أبا الحسن الرضا عليهالسلام يتكلم بهذا الكلام عند المأمون في التوحيد ، قال ابن أبي زياد : ورواه لي أيضا أحمد بن عبدالله العلوي مولى لهم وخالا لبعضهم ، عن القاسم بن أيوب العلوي : أن المأمون لما أراد أن يستعمل الرضا عليهالسلام جمع بني هاشم فقال : إني اريد أن أستعمل الرضا على هذا الامر من بعدي فحسده بنو هاشم ، وقالوا : تولي رجلا جاهلا ليس له بصر بتدبير الخلافة فابعث إليه يأتنافترى من جهله ما تستدل به عليه ، فبعث إليه فأتاه فقال له بنو هاشم : يا أبا الحسن اصعد المنبر وانصب لنا علما نعبد الله عليه فصعد عليهالسلام المنبر فقعد مليا لايتكلم مطرقا ثم انتفض انتفاضة واستوى قائما وحمد الله وأثنى عليه ، وصلى على نبيه وأهل بيته ثم قال : أول عبادة الله معرفته ، وأصل معرفة الله توحيده ، ونظام توحيد الله نفي الصفات عنه لشهادة العقول أن كل صفة وموصوف مخلوق ، وشهادة كل موصوف أن له خالقا ليس بصفة ولا موصوف ، وشهادة كل صفة وموصوف بالاقتران ، وشهادة الاقتران بالحدث ، وشهادة الحدث بالامتناع من الازل الممتنع من الحدث ، فليس الله من عرف بالتشبيه ذاته ، (١) ولا إياه وحد من اكتنهه ، ولا حقيقته أصاب من مثله ، ولا به صدق من نهاه ، ولا صمد صمده من أشار إليه ، ولا إياه عنى من شبهه ، ولاله تذلل من بعضه ، ولا إياه أراد من توهمه ، كل معروف بنفسه مصنوع ، وكل قائم في سواه معلول ، بصنع الله يستدل عليه ، وبالعقول تعتقد معرفته ، وبالفطرة تثبت حجته خلقة الله الخلق حجاب بينه وبينهم ، (٢) ومباينته إياهم مفارقته أينينهم ، وابتداؤه إياهم دليلهم على أن لا ابتداء له لعجز كل مبتدء عن ابتداء غيره ، وأدوه إياهم (٣) دليل على أن لا أداة فيه ، لشهادة الادوات بفاقة المادين ، فأسماؤه تعبير ، وأفعاله تفهيم ، وذاته حقيقة ، وكنهه تفريق بينه وبين خلقه ، وغيوره تحديد لما سواه ، فقد جهل الله من
___________________
(١) في التوحيد والعيون المطبوعين : فليس الله عرف من عرف بالتشبيه ذاته.
(٢) وفى نسخة : خلق اله الخلق حجاب بينه وبينهم.
(٣) في التوحيد والعيون : وإدواؤه إياهم ، وهو الصحيح.