قوله عليهالسلام أضاء بنوره كل ظلام الظلام إما محسوس فإضاءته بأنوار الكواكب والنيرين ، أو معقول وهو ظلام الجهل فإضاءته بأنوار العلم والشرائع قوله : وأظلم بظلمته كل نور إذ جميع الانوار المحسوسة أو المعقوله مضمحلة في نور علمه ، وظلام بالنسبة إلى نور براهينه في جميع مخلوقاته الكاشفة عن وجوده ، وقال ابن أبي الحديد : تحت قوله عليهالسلام معنى دقيق وسر خفي وهو أن كل رذيلة في الخلق البشري غير مخرجة عن حد الايمان مع معرفته بالادلة البرهانية ، غير مؤثرة نحو أن يكون العارف بخيلا أو جبانا ، وكل فضيلة مع الجهل به سبحانه ليست بفضيلة في الحقيقة ، لان الجهل به يكشف تلك الانوار نحو أن يكون الجاهل به جوادا أو شجاعا. ويمكن أن يكون الظلام والنور كنايتين عن الوجود والعدم ، ويحتمل على بعد أن يكون الضمير في قوله : بظلمته راجعا إلى كل نور لتقدمه رتبة فيرجع حاصل الفقرتين حينئذ إلى أن النور هو ما ينسب إليه تعالى فبتلك الجهة نور ، وأما الجهات الراجعة إلى الممكنات فكلها ظلمة.
٤١ ـ نهج : في وصيته للحسن المجتبى صلوات الله عليهما : واعلم يا بني أنه لو كان لربك شريك لاتتك رسله ، ولرأيت آثار ملكه وسلطانه ، ولعرفت أفعاله وصفاته ، ولكنه إله واحد كما وصف نفسه ، لا يضاده في ملكه أحد ، ولا يزول أبدا ، ولم يزل أو لاقبل الاشياء بلا أولية ، وآخرا بعد الاشياء بلا نهاية ، (١) عظم عن أن تثبت ربوبيته بإحاطة قلب أو بصر.
٤٢ ـ نهج : من خطبة له عليهالسلام الحمد لله الذي انحسرت الاوصاف عن كنه معرفته ، وردعت عظمته العقول فلم تجد مساغا إلى بلوغ غاية ملكوته ، هو الله الحق المبين ، أحق وأبين مماتراه العيون ، لم تبلغه العقول بتحديد فيكون مشبها ، ولم تقع عليه الاوهام بتقدير فيكون ممثلا ، خلق الخلق على غير تمثيل ولا مشورة مشير ، ولا معونة معين ، فتم خلقه بأمره ، وأذعن لطاعته فأجاب ولم يدافع ، وانقاد ولم ينازع.
٤٣ ـ نهج : من خطبة له عليهالسلام : كل شئ خاشع له ، وكل شئ قائم به ، غنى
___________________
(١) في نسخة : أول قبل الاشياء بلا أولية ، وآخر بعد الاشياء بلا نهاية.