والنفس إذا استكملت ناسبت نوريتها نورية تلك الانوار فاستحقت الاتصال بها و الاستفادة منها فالمراد بجعله في نور الحجب جعله في نور العلم والكمال مثل نور الحجب حتي يناسب جوهر ذاته جوهر ذاتهم فيستبين له ما في ذواتهم ، ولا يخفى فساده على اصولنا بوجوه شتى.
وأما تأويل ألوان الانوار فقد قيل فيه وجوه :
الاول : أنها كناية عن تفاوت مراتب تلك الانوار بحسب القرب والبعد من نور الانوار ، فالابيض هو الاقرب ، والاخضر هو الابعد كأنه ممزج بضرب من الظلمة والاحمر هو المتوسط بينهما ثم مابين كل اثنين ألوان اخرى كألوان الصبح والشفق المختلفة في الالوان لقربها وبعدها من نور الشمس.
الثانى : أنها كناية عن صفاته المقدسة فالاخضر قدرته على إيجاد الممكنات وإفاضته الارواح التي هي عيون الحياة ومنابع الخضرة ، والاحمر غضبه وقهره على الجميع بالاعدام والتعذيب ، والابيض رحمته ولطفه على عباده كما قال تعالي : «وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله».
الثالث : ما استفدته من الوالد العلامة قدس الله روحه وذكر أنه مما افيض عليه من أنوار الكشف واليقين ، وبيانه يتوقف على تمهيد مقدمة وهي أن لكل شئ مثالا في عالم الرؤيا والمكاشفة ، وتظهر تلك الصور والامثال على النفوس مختلفة باختلاف مراتبها في النقص والكمال ، فبعضها أقرب إلى ذي الصورة ، وبعضها أبعد ، وشأن المعبر أن ينتقل منها إلى ذواتها.
فإذا عرفت هذا فالنور الاصفر عبارة عن
العبادة ونورها كما هو المجرب في
الرؤيا فإنه كثيرا ما يرى الرائي الصفرة في المنام فيتيسر له بعد ذلك عبادة يفرح
بها
وكما هو المعاين في جباه المتهجدين ، وقد ورد في الخبر في شأنهم أنه ألبسهم الله
من
نوره لما خلوابه. والنور الابيض : العلم لانه منشأ للظهور وقد جرب في المنام أيضا
والنور الاحمر : المحبة كما هو المشاهد في وجوه المحبين عند طغيان المحبة وقد جرب
في الاحلام أيضا. والنور الاخضر : المعرفة ، كما تشهد به الرؤيا ويناسبه هذا الخبر
،