______________________________________________________
سنة ثلاث وخمسين قتل معاوية حجر بن عدي الكندي ، وهو أول من قتل صبرا في الإسلام ، حمله زياد من الكوفة ومعه تسعة عشر نفرا من أهل الكوفة وأربعة من غيرها.
فلما صار الى مرج عذراء على اثنى عشر ميلا من دمشق تقدم البريد بأخبارهم الى معاوية ، فبعث اليهم برجل أعور ، فلما أشرف على حجر وأصحابه ، قال رجل منهم : ان صدق الرجل (١) فانه سيقتل منا النصف وينجو الباقون فقيل له : وكيف ذلك؟ قال : أما ترون الرجل المقبل مصابا في إحدى عينيه.
فلما وصل اليهم قال لحجر : ان أمير المؤمنين قد أمرني بقتلك يا رأس الضلال ومعدن الكفر والطغيان والمتولي لأبي تراب ، الا أن ترجعوا عن كفركم وتلعنوا أصحابكم وتتبرّءوا منه.
فقال حجر وجماعته ممن كان معه : ان الصبر على مرّ (٢) السيف لا يسر علينا مما تدعونا اليه ، ثم القدوم على الله وعلى نبيه وعلى وصيه أحب إلينا من دخول النار وأجاب نصف من كان معه الى البراءة من علي.
فلما قدم حجر ليقتل قال : دعوني أصلي ركعتين فطول في صلاته ، فقيل له :
أجزعا من الموت؟ قال : لا ، ولكني ما تطهرت للصلاة قط إلا صليت ، وما صليت قط أخف من هذه ، وكيف أجزع وأني لأرى قبرا مفتوحا وسيفا مشهورا وكفنا منشورا ثم قدم فنحر : والحق به من وافقه على قوله من أصحابه.
وقيل : ان قتلهم كان في سنة خمسين ، وذكر أن عدي بن حاتم الطائي دخل على معاوية : فقال له معاوية : أما أنه قد بقيت قطرة من دم عثمان لا يمحوها الا دم شريف من أشراف اليمن.
__________________
(١) وفي المصدر : الزجر
(٢) وفي المصدر : حد