فمسخه الله قردا. ألا وفئتان تلتقيان بتهامة كلتاهما كافرتان ، ألا وخسف بكلب وما أنا وكلب ، والله لو لا ما : لأريتكم مصارعهم ألا وهو البيداء ثم يجيء ما تعرفون.
______________________________________________________
قوله رضى الله تعالى عنه : فئتان تلتقيان بتهامة
قال ابن الاثير في النهاية : ذات عرق أول تهامة الى البحر وجدة وقيل : تهامة ما بين ذات عرق الى مرحلتين من وراء مكة وما وراء ذلك من المغرب فهو غور والمدينة لا تهامية ولا نجدية فانها فوق الغور ودون نجد (١).
قوله رضى الله تعالى عنه لو لا ما لأريتكم
« لو لا ما » من باب الاختصار والحذف في الكلام ليذهب الوهم فيه كل مذهب تنبيها على نبالة الامر وجلالته.
والمعنى : لو لا ما أعلمه أو لو لا ما ورد في النهي عن افشاء سر الربوبية على أشد التغليظ والتحذير ، أو لو لا ما أنكم لا تستطيعون حمل الاسرار وأسبال الاستار لأريتكم مصارعهم.
والاختصار باب شايع عند العرب ، ومنه قوله ليس بالذي لا بعد له ، وربما يقال ليس لا بعد له أصله ليس بعده غاية في الجودة أو الرداءة ، فاختصر فقيل ليس بعده ، ثم ادخل عليه لا النافية للجنس واستعمل استعمال الاسم المتمكن ، وكذلك قولهم في مقام المدح أو مقام الذم « أنّه وانّه » أي انه عالم وانه كريم وانه أمين وانه عفيف مثلا ، أو أنه جاهل وأنه لئيم وأنه خائن وأنه فاجر.
ومن هذا الباب وهذا دليل على أنه ، وهذا اختصار دون الاختصار في قولهم أجنك فان ذا اختصار حذف وذاك اختصار بناء كبناء البلكفة والتبلكف من قولهم بلا كيف كما قال في الكشاف ، وكذلك بناء الباباة للصبي مثلا من قولك له بأبي أنت وأمي.
__________________
(١) نهاية ابن الاثير : ١ / ٢٠١