خليفة الرسول صلىاللهعليهوآله لجهاد من يبغي في دين الله عوجا ، وكيف تفوّه بطلب السيف العارف بالمؤمن من الكافر ولم يطلبه من « الشيخين » في قتالهم أهل الردة وكان موافقا لهما على ذلك مع أن أهل الردة لم يمتنعوا من أداء الزكاة إلا بشبهة الدفع لمن أقامه النبي خليفة على المسلمين يوم الغدير ، ولم يخلعوا يدا عن طاعة ، ولا فارقوا جماعة المسلمين ، لولا أن قتالهم أمر دبّر بليل.
فأين كانت جلبة سعد وضوضاء أسامة وتزفّر ابن عمر من قتل علي عليهالسلام لأهل الجمل أيام تفريط خالد في أولئك المسلمين الذين لم يتركوا الشهادتين حتى آخر نفس لفظوه ، وكما كان لأصحاب الجمل عند هؤلاء عذر في الخروج على سيد الوصيين يكون لأولئك الذين اطلقت عليهم الردة عذر في الامتناع عن أداء الزكاة ، أهل كان الحكم بقتال المرتدّين مقصورا على خصوص من خالف « أبابكر » أم هو عام لكل من تمت له البيعة؟
نعم الحسد من جهة وعدم الرضوخ الى الحق منجهة أخرى لم يدعا لسعد وأمثاله طريقا في الخضوع لأمير المؤمنين عليهالسلام ؛ « وإنما متسافل الدرجات يحسد من علا ».
لقد كان سعد ممن يشمخ أنفه بالفخفخة الباطلة والمجلد الكاذب ويرى نفسه في أشراف الصحابة ، وإذا قايسها مع أخي الرسول وجده أطهر منه نسبا وأعلا حسبا وأغزر علما وأثبت في المواقف وأشجع في الهزاهز وأقوى حجة وأشرف نفسا الى أن تنتهي حلقات الفضل ولأمير المؤمنين بقايا غير محصورة ينبوعها الحساب.
فكان في رضوخه لأبي الحسن عليهالسلام خضوع الى هاتيك المآثر وظهور لنقصه فيها ، ولطموح نفسه إلى التّعالي ، ولم يكن عنده من التقوى ما يكبح عامل الكبرياء ليستهل البخوع للمجد العلوي ، وان أضر ذلك بدينه وأراده في آخره ؛ فإن العصبية أعشت بصره ، والنخوة الجاهلية تحكمت بين أحشائه ، والحسد المحتدم بصدره ألقاه في مدحرة الهلكة وحفزه الى مكامن البغضاء ، وان تستر بظواهر الاسلام وتعاليمه.
يشهد لذلك سؤاله أمير المؤمنين عليهالسلام لما سمعه يقول في خطابه :
|
« سلوني قبل أن تفقدوني فوالله ما تسألوني عن شيء مضى ولا عن شيء يكون إلا أنبأتكم به. » فقام إليه سعد وقال : يا أمير المؤمنين أخبرني كم في رأسي ولحيتي من |