النّفوس بالفضائل وتخليتها عن الرذائل ولم يرد الشارع لمن اعتنق دينه القويم إلا أن يكونوا في الغارب والسنام من كل فضيلة رابية فيسلكوا سبل السلام في أعراق طاهرة ومآز عفة ، وقلوب نزيهة ، وجوارح مؤدبة بآداب الله تعالى ، وجوانح ممرّتة بالقداسة.
وجاء في وصية رسول الله لأمير المؤمنين :
|
« إيّاك والغدر بعهد الله والاخفار لذمته فإن الله جعل عهده وذمَّته أماناً أمضاه بين العباد برحمته والصبر على ضيق ترجو انفراجه خير من غدر تخاف أوزاره وتبعاته وسوء عاقبته (١٨) فان كل غادر يأتي يوم القيامة مائلا شدقه (١٩) وله لواء يعرف به فيقال هذه غدرة فلان (٢٠) ». |
وقال أمير المؤمنين عليهالسلام :
|
« الوفاء توأم الصدق ولا أعلم جنة أوفى منه وما يغدر من علم كيف المرجع ولقد أصبحنا في زمان اتخذ أكثر أهله الغدر كيّسا ، ونسبهم أهل الجهل الى حُسن الحيلة ، ما لهم قاتلهم الله. قد يرى الحوّل القلّب وجه الحيلة ودونها مانع من أمر الله ونهيه فيدعها رأي العين بعد القدرة عليها ، وينتهز فرصتها من لاحريجة له في الدين (٢١) ». |
وقال على منبر الكوفة :
|
« أيّها الناس لولا كراهية الغدر لكنت أدهى الناس ألا انّ لكلّ غدرة فجرة ، ولكل فجرة كفرة ، ألا وان الغدر والفجوز والخيانة في النار (٢٢) ». |
والغدر لايأتلف مع شيء من المآثر الفاضلة لأنه ينم عن خسّة في الطبع ودناءة في العنصر وعدم المبالات بالنواميس الدينية والبخس لحقوق المسلمين ويشب منه تفريق الكلمة وملاشاة الإلفة واحتدام البغضاء. وان الشريعة المطهرة حاولت ببيانها
__________________
١٨) دعائم الاسلام للقاضي نعمان المصري.
١٩) الوسائل ج٢ ض٤٢٥ عين الدولة.
٢٠) نهاية الارب للنويري ج٣ ص٣٧١.
٢١) شرح النهج ج١ ص٢١٦.
٢٢) الوسائل ج٢ ص٢٤٥.