خارجة ، ومحمد بن الأشعث ، وعمرو بن الحجاج الزبيدي وسألهم عن انقطاع هاني عنه فقالوا : الشكوى تمنعه ، فلم يقتنع ابن زياد بعد أن أخبرته العيون بجلوسه على باب داره كل عشيّة ، فركب هؤلاء الجماعة الى هاني وسألوه المصير الى السلطان لأن الجفاء لا يحتمله ، وألحّوا عليه فركب بغلته ولما طلع على ابن زياد قال : « اتتك بخائن رجلاه » (٤) والتفت الى شريح القاضي يقول (٥) :
اريد حباءه ويريد قتلي |
|
عذيرك من خليلك من مراد |
ثم التفت الى هاني قائلا : أتيت بابن عقيل الى دارك وجمعت له السلاح؟ فأنكر هاني ، ولما كثر الجدال دعا ابن زياد الجاسوس « معقلا » ففهم هاني أن الخبر أتاه من جهته فاعتذر بأنه لم يدعه الى منزله ، وإنما استجار به واستضافه ، والذمام الذي يحمله يأبى له ألا يجير من استجار به ، ثم طلب من ابن زياد أن يمضي الى داره ، ويخرج مسلما منها الى حيث شاء ليخرج بذلك من جواره ولا يكون سُبّة للعرب ، ويعطيه رهنا على ذلك ، فأبى ابن زياد أن يطلق سراحه إلا أن يأتيه بمسلم (٦).
ههنا جاهر ابن عروة بعقيدته ، فعرّف ابن مرجانة أن مسلما أحق منه بالأمر ، ولوفاء أبيه زياد ومكافاته في ولده لمعروفه معه يقوم بحمايته ، والدفاع عنه وعن أهله حتى يخرجوا بأموالهم إلى الشام سالمين ، لأن داعية الحسين عليهالسلام أولى بالقيام على أمر الأمة وادارة شؤونها.
فغضب ابن مرجانة من كلام هاني وألحّ عليه بالإتيان بابن عقيل فأفهمه هاني بأن هذا محال عليه ويأباه دينه وعقيدته فقال في التعبير عنه :
|
لو كان « ابن عقيل » تحت قدمي لما رفعتهما عنه. |
فأغلظ له ابن زياد في القول وتهدّده بالقتل ، فتعجّب هاني من جرأته وهو واحد ويتبع « ابن عروة » ثلاثون ألفا ، فقال لابن زياد : إذا تكثر البارقة حولك
فاستدناه ابن زياد وأخذ بظفيرتيه وضربه بالسوط حتى كسر أنفه ونثر لحم
__________________
٤) في مجمع الأمثال للميداني ج١ ص١٩ قاله الحرث بن جبلة الغساني لما ظفر بالحرث بن جبلة العبدي حين هجاه.
٥) في الإصابة ج٣ ص٢٧٤ بترجمة قيس بن الكشوح قاله عمرو بن معديكرب في أبيات في ابن أخته وكانا متباعدين ، وفي الأغاني ج١٤ ص٣٢ : ان أمير المؤمنين عليا تمثّل به لما دخل عليه ابن ملجم يبايعه.
٦) ابن الأثر ج٤ ص١١.