الثمينة. والعجب ممن يتسنّم منبر الدعوة الإلهية ثم يمشي مترددا في حنادس الظلم ما شاء له الهوى ، ولا عجب من الامويين وعمالهم إذا خالفوا قوانين الإسلام ، فإنهم متى أسلموا ليهتدوا ، وإنما استسلموا فرقا من البوار أو تحكما في الأموال والنفوس.
وليس بالغريب إذا أمر ابن زياد بسحب مسلم وهاني من أرجلهما في الأسواق (٢) ، ثم صلبهما في الكناسة منكوسين (٣) ، وأنفذ الرأسين الى يزيد بن معاوية مع هاني بن أبي حية الوداعي والزبير بن الأروح التميمي وكتب معهما :
أما بعد فالحمدلله الذي أخذ لأميرالمؤمنين بحقه ، وكفاه مؤنة عدوه وأخبر أميرالمؤمنين أكرمه الله أن مسلم بن عقيل لجأ الى دار هاني بن عروة المرادي ، وإني جعلت عليهم العيون ودسست اليهما الرجال ، وكدتهما حتى استخرجتهما ، وأمكن الله منهما ، فقدّمتهما وضربت عنقيهما ، وبعثت اليك برأسيهما مع هاني بن أبي حية الوداعي ، والزبير بن الأروح التميمي ، وهما من أهل السمع والطاعة والنصيحة ، فليسألهما أميرالمؤمنين عما أحب من أمر فإن عندهما علما وصدقا وفهما وورعا ، والسلام.
فكتب اليه يزيد :
أما بعد فإنك لم تعد أن كنت كما أحب عملت عمل الحازم ، وصُلت صولة الشجاع الرابط الجأش ، فقد أغنيت وكفيت وصدقت ظني بك ورأيي فيك ، وقد دعوت رسوليك فسألتهما وناجيتهما ، فوجدتهما في رأيهما وفضلهما كما ذكرت ، فاستوص بهما خيرا ، وانه قد بلغني أن الحسين بن علي قد توجّه نحو العراق ، فضع المناظر والمسالح واحترس على الظن وخُذ على التهمة غير أن لا تقتل إلا من قاتلك ، واكتب إليّ في كل ما يحدث من الخبر ، والسلام عليك (٤).
ثم أمر يزيد بالرأسين فنصبهما في درب من دروب دمشق (٥).
__________________
٢) المنتخب للطريحي.
٣) ابن شهر آشوب ج٢ ص٢١٢.
٤) الطبري ج٦ ص٢١٤.
٥) مناقب ابن شهر آشوب ج٢ ص٢١٢.