غديرك منهـم من يلـوم عليهم |
|
ومن هـو منهـم في المقالة أظلم |
لعمرك ما أعطيتهم منـك رأفـة |
|
ولكـن لأسبـاب وحولك علقـم |
أبى لهم أن ينزل الـذل عنـوة |
|
إذا ما طغـا الجبار كانوا هُم همُ |
فدونك ما أسديت فاشدد يدا بـه |
|
وخيركم المبسوط والشر فالزموا |
ثمّ رمى عقيل عليه بالمائة ألف درهم وقام من مجلسه فكتب اليه معاوية : أما بعد يا بني عبدالمطلب أنتم والله فرع قصي ولباب عبد مناف وصفوة هاشم ، ولكم الصفح الجميل فإن أحلامكم لراسخة ، وعقولكم لكاسية ، وحفظكم الأوامر ، وحبكم العشائر ، ولكم الصفح الجميل والعفو الجزيل مقرونان بشرف النبوة وعز الرسالة وقد والله ساءني ما كان جرى ولن أعود لمثله إلى أن اغيّب الثرى ، فكتب اليه عقيل :
صدقت وقلت حقا غير أنـي |
|
أرى ألا أراك ولا تـراني |
ولست أقول سوء في صديقي |
|
ولكني أصد إذا جفـانـي |
فكتب اليه معاوية يستعطفه ويناشده الصفح وألح عليه في ذلك فرجع اليه (٤). فقال معاوية : لِمَ جفوتنا يا أبا يزيد؟ فأنشأ يقول :
وإني امرؤ مني التكرم شيمة |
|
إذا صاحبي يوما على الهون أضمرا |
ثم قال :
|
يا معاوية لئن كانت الدنيا أفرشتك مهادها ، وأظلتك بسرادقاتها ، مدت عليك أطناب سلطانها ماذاك بالذي يزيدك مني رغبة وتخشعا لرهبته. |
فقال معاوية : لقد نعتها أبو يزيد نعتا هش له قلبي ، ثم قال له : لقد أصبحت يا أبا يزيد علينا كريما وإلينا حبيبا وما أصبحت أضمر لك إساءة (٥).
هذا حال عقيل مع معاوية وحينئذ فأي نقص يلمّ به والحالة هذه وعلى الوصف الذي أتينا به تعرف أنه لاصحة لما رواه المتساهلون في النقل من كونه مع معاوية بصفين فإنه مما لم يتأكد اسناده ولا عرف متنه ويضاده جميع ما ذكرناه.
كما يبعده كتابه من مكة إلى أمير المؤمنين حين أغار الضحاك على الحيرة وما
__________________
٤) ربيع الأبرار للزمخشري في باب المعاتبات.
٥) العقد الفريد ج١ ص١٣٥.