يصلّي عليها ، ويجتمع إليه الناس لمعرفة أنساب العرب وأياهم وأخبارهم فقال أعداؤه فيه ونسبوه الى الحمق (٨).
واختلقوا عليه أحاديث كان بعيدا عنها حتى وضعوا على لسان أمير المؤمنين ما ينقص من قدره ويحط من كرامته زعما منهم أن في ذلك تشويها لسمعة هذا البيت الطاهر بيت أبي طالب باخراج أهله عن مستوى الإنسانية فضلا عن الدين ، بعد ان أعوزتهم الوقيعة في سيد الأوصياء عليهالسلام بشيء من تلك المفتريات. فطفقوا يشوهون مقام أبيه وحامته ، ولكن لا تنطلي تلكم الزخارف على الجيل المنقب حتى كشف عن نواياهم السيئة وعرف الملأ افتعال الحديث وبُعده عن الصواب.
قالوا في الرواية عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنه قال : مازلت مظلوما منذ كنت صغيرا ، أن عقيلا ليرمد فيقول : لا تذروني حتى تذروا عليا ، فأضطجع وأذرى وما بي رمد.
لم أقرأ هذا الحديث إلا ويأخذني العجب. كيف رضى المفتعل بهذه القرية البينة ، فإن أمير المؤمنين ولد ولعقيل عشرون سنة ، وهل يعتقد أحد أو يظن إنسانا له من العمر ذلك المقدار إذا اقتضى صلاحه شرب الدواء يمتنع منه إلا إذا شرب مثله أخوه البالغ سنة واحدة أو سنتين ، كلا لا يفعله أي أحد وإن بلغ الغاية في الخسة والضعف ، فكيف بمثل عقيل المتربى بحجر أبي طالب والمرتضع در المعرفة خصوصا مع ما يشاهده من الآيات الباهرة من أخيه الإمام منذ ولادته.
إن الضّغائن والأحقاد تحبذ لمن تخلّق بها التردد في العمى والخبط في الضلال من دون روية وتفكير ؛ « استَحَوَذَ عَلَيهِم الشَّيطانُ فَأَنساهُم ذِكرَ اللهِ اُولئِكَ حِزبُ الشَّيطانِ أَلا اِنَّ حِزبَ الشَّيطانِ هُمُ الخاسِرُونَ ».
نعم كان أمير المؤمنين عليهالسلام يقول غير مرة : « ما زلت مظلوما (٩)» من دون تلك الزيادة ، يعني بذلك دفعه عن حقه الواجب على الأمة القيام به والميل عنه وتعطيل أحكام الله بالأخذ من غيره وتقديم من ليس له قدم ثابت في كل مكرمة ، ولا نص من صاحب الشريعة ، ولا فقه ناجع ، ولا إقدام في الحروب ، وحيث أن في هذه الكلمة حظا بمن ناوأه زحزحوها عنهم ، وألصقوها بالسيد الكريم ، وما أسرع أن عاد
__________________
٨) نكت الهميان ص٢٠٠.
٩) الشافي للسيد المرتضى ص٢٠٣.