عن النّفوس الباعثة على التأخر في العمل وتوليد روح الإقدام فيها بكسح العرقلة أمام مسعاه.
وليس الغرض أن تعبير الرؤيا بالحسن مما يغير القدر الجاري بل القضاء يكون على مجراه حتى مع حسن التعبير إذ ليس في نفس الرؤيا دليل قطعيّ على دفع القدر المحتوم فيما اذا كان التعبير حسنا بل الغاية أن الانسان مع حسن التعبير لا يتأخر عن العمل بخلاف التعبير السيّء فانه يوجب الفتور والتأخر عن الحركة وربما يؤدي الى الشرك.
ومما اكدت الشرعية نفيه « الطيرة » فانها اكتسحت ببيانها الاوفى ما اعتاده الجاهليون مما يردع العامل عن قصده ولا يتاح له الحصول على غاياته وأوضحت مضار هاتيك العرقلة أمام مسير الأمة. فالمسلم المستنير بالتعاليم الربوبية لا يكترث بالأقرن والأعضب والبارح (٦).
والى هذه التافهات من عادات الجاهلية يشير الكميت الأسدي بقوله :
ولا أنا ممن يزجر الطير همه |
|
أصاح غراب أم تعرض ثعلب |
ولا السانحات البارحات عشية |
|
أمر سليم القرن أم مرَّ أعضب |
وهذه العقيدة الراسخة في نفسه استفادها من تعاليم أئمته من آل الرسول عليهمالسلام الدعاة الى شرع جدهم الذي لم يزل يهتف غير مرة بأن الطيرة مرفوعة عن هذه الأمة (٧) وأنها من الشرك وما منا من يتطير (٨) ومن استقسم أو تكهن أو تطير طيرة تردة عن سفره لم ينظر الى الدرجات العلى يوم القيامة (٩) وأن من أرجعته الطيرة من حاجة فقد أشرك (١٠) فاذا تطيرت فامض (١١).
وكتب بعض البغداديين الى أبي الحسن عليهالسلام ـ يسأله عن الخروج يوم الأربعاء ، فقال :
__________________
٦) في تاج العروس ج٢ ص١٢٣ : البارح ما مر من الطير من يمينك الى يسارك ، والسانح عكسه ، والأول يتطير منه دون الثاني ، وفيه ج١ ص٣٨٧ : الأعضب مكسور القرن والأقرن صحيحة.
٧) الخصال للصدوق في باب التسعة.
٨) نهاية ابن الأثير ج٣ ص٥٨ ، وشرح النهج الحديديّ ج٤ ص٤٣٠.
٩) محاضرات الراغب ج١ ص٦٧.
١٠) مفتاح دار السعادة ج٢ ص٢٧٤.
١١) محاضرات الراغب ج١ ص٦٨.