للملازمة الواقعية في التأثير.
كما أن أمره صلىاللهعليهوآله بالفرار عن المجذوم في قوله : « فر من المجذوم فرارك من الأسد » (٣٠) لا دلالة فيه على العدوى بحيث تكون مقاربة المجذوم علة تامة للتأثر لإمكان وجود المناعة الرافعة للإنفعال ، بل الغرض من الأمر بالفرار الإيعاز الى استقذاره ، ونتن ريحه ، والتنفر منه وربما يسبب ذلك تعبيره والإزدراء عليه ، فينكسر ذلك المبتلي بقضاء اله ، والمولى الحكيم لا يريد من العباد إلا التراحم والعطف فيما بينهم.
وامتناع النبي من إدخال المجذوم عليه للبيعة (٣١) لا دلالة فيه على العدوى وإلا فقد ورد الحديث أنه أخذ بيد مجذوم ووضعها في القصعة وقال : « كل ثقة بالله وتوكلا عليه » (٣٢).
كما أن السجاد عليهالسلام السائر على ضوء جده وأبيه لم يمتنع من الأكل مع المجذومين ؛ ففي الحديث أنه عليهالسلام مر على مجذومين يأكلون فدعوه الى الأكل معهم فقال عليهالسلام : « لولا إني صائم لفعلت » فلما صار إلى منزله أمر بطعام فصنع ثم دعاهم فأكلوا وأكل معهم (٣٣).
فلو كانت مقاربة المجذومين علة تامة للعدوى لما فعل الإمام عليهالسلام ولكنه بيّن للواقفين على فعله معهم ممن حضر ومن الأجيال المتتابعة أن الإتصال بذوي العاهات قد لا يؤثر في انفعال الأجسام الصحيحة لوجود القوة المانعة منه أو للتوكل على الله والثقة بأنه سبحانه مورد البلاء حسب المقتضيات.
__________________
٣٠) امالي السيد المرتضى ج٤ ص١١١ ، ومختلف الحديث لابن قتيبة ص١٢٣ ، وسفينة البحار ج١ ص١٤٨ عن أمالي الصدوق ، والهيئة والإسلام للشهرستاني ج١ ص٢٧ بغداد ، وصحيح البخاري ج٤ ص٨ كتاب الطب ، ومفتاح دار السعادة ج٢ ص٢٨٧.
٣١) مختلف الحديث ص١٢٣.
٣٢) مفتاح دار السعادة ج٢ ص٢٨٧.
٣٣) البحار للمجلسي ج١١ ص١١٧ عن الكافي.