الّذي لم يشاهد مثله (٦).
لقد تجلى مما ذكرناه من رفع الطيرة في الشريعة الإفتراء على ابن عقيل في كتابه إلى الحسين عليهالسلام : إني تطيرت من هذا الوجه فإن رأيت أن تعفيني وتبعث غيري ، فيكتب اليه الحسين : أما بعد فقد خشيت ألا يكون حملك على هذا إلا الجبن فامض لوجهك الذي وجهتك له (٧).
فان المتأمل في صلك الولاية الذي كتبه سيد الشهداء لمسلم بن عقيل لايفوته الإذعان بما يحمله من الثبات والطمأنينة ورباطة الجأش ، وإنه لايهاب الموت ، وهل يعدو بآل أبي طالب إلا القتل الذي لهم عادة وكرامتهم من الله الشهادة ، ولو كان مسلم هياباً في الحروب لما أقدم سيد الشهداء على تشريفه بالنيابة الخاصة عنه التي يلزمها كل ذلك.
فتلك الجملة التي جاء بها الرواة وسجّلها ابن جرير للحط من مقام ابن عقيل الرفيع متفككة الأطراف ، واضحة الخلل. كيف؟ وأهل البيت ومن استضاء بأنوار تعاليمهم لايعبأون بالطيرة ولايقيمون لها وزنا.
وليس العجب من ابن جرير إذا سجلها ليشوه بها مقام شهيد الكوفة كما هي عادته في رجالات هذا البيت ولكن العجب كيف خفيت على بعض أهل النظر والتدقيق حتى سجلها في كتابه مع أنه لم يزل يلهج بالطعن في أمثالها ويحكم بأنها من وضع آل الزبير ومن حذا حذوهم!
__________________
٦) شرح قصيدة أبي فراس ص١٤٩ إيران.
٧) تاريخ الطبري ج٦ ص١٩٨.