ماذا على من شمّ تربة أحمدٍ |
|
أن لا يشمّ مدى الزمان غواليا |
صبّت عليّ مصائب لو أنّها |
|
صبّت على الأيام صرن لياليا |
ثم قالت للقبر ثانية ، وتمثلت بقول صفية عمّة رسول الله صلىاللهعليهوسلم :
قد كان بعدك أنباء وهينمة |
|
لو كنت شاهدها لم تكثر الخُطَب |
إنّا فقدناك فقد الأرض وابلها |
|
واختلى قومك فافقدهم فقد نكبوا |
قد كان جبريل بالآيات يؤنسنا |
|
فغاب عنّا فكل الخير محتجب |
وكنت نوراً وبدراً يستضاء به |
|
عليك تنزل من ذي العزة الكتب |
فقد رزئنا بما لم يرزأ به أحد |
|
من البرية لا عجمٌ ولا عربُ |
فهذه رواية جسوس جعلت صاحبة الرثاء والإنشاد عائشة ، وهذا ما لم أقف عليه عند غيره ، وكذبه واضح ؛ لأنّ صاحبة الرثاء الأول تشكو ما صبّ عليها من مصائب لو أنّها صُبّت على الأيام صرن ليالياً حالكات لشدة وقعها ، وعائشة لم يصبها أيّ أذى بعد فقد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بل أصبحت ذات عزّة ومنعة لتولي أبيها الخلافة ، فلا يمكن التصديق بما ذكره عنها وإن نسبه إلى القيل ، وهو مشعر بالتمريض. وقد صرّح الزرقاني في شرح المواهب (١) ، وعلى القارئ في شرح الشمائل (٢) ، بأنّ الشعر أنشأته ـ عند الأول ـ وأنشدته ـ عند الثاني ـ فاطمة عليهاالسلام.
ثم إنّ نسبة الأبيات الخمسة إلى صفية هو أيضاً من الخطأ ، فإنّها ـ الأبيات ـ ليست لها بل هي تمثلت ببيت واحد منها حينما خرجت تلمع بثوبها ، كما سبق في رواية ابن أبي شيبة وراجع لسان العرب (٣) ، بل هي ـ الأبيات ـ لهند بنت إثاثة كما في طبقات ابن سعد.
_____________________
١ ـ شرح المواهب للزرقاني ٨ : ٢٩٣.
٢ ـ شرح الشمائل ٢ : ٢١٠.
٣ ـ راجع لسان العرب ٣ : ٣٠.