عبداً لله وأخا رسوله » ؟ فقالوا : أما عبد الله فنعم ، وأما أخا رسوله فلا ، فانعطف إلى قبر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم صارخاً : « يا بن أم إنّ القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني » ؟.
وهل هذا ليس فيه شيء من الأذى ؟ إذن ما هو الأذى الذي يستوجب لعنة الله ملء السماء وملء الأرض ؟ ولا شك أنّهم كانوا من الصحابة ، وسمعوا من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فيمن آذى علياً وآذى فاطمة ، فما الجواب ؟
وما داموا هم صحابة فلا شك أنّهم سمعوا قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا ) (١) ، فلا ضير على من يلعن من لعنه الله سبحانه في الدنيا والآخرة ، وأعد له عذاباً مهيناً.
وسؤال ثامن ـ ومن حق القارئ أن يسأل ـ : هل كانت بيعة أبي بكر بالاختيار ، كما يزعم البكريون ؟ فلماذا إذن المساومة والرشوة ؟ ألم تقل الأنصارية ، وقد ردت ما بعث بها إليها أبو بكر : أتراشونني عن ديني ؟ كما مرت الإشارة إليه (٢).
ألم يقل عمر لأبي بكر ، وقد بلغه مجيئ أبي سفيان بن حرب ، وكان جابياً لبعض الصدقات قد بعثه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فعاد بعد موت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فاستنكر خلافة أبي بكر وقال : ما بال هذا الأمر في أرذل حي من قريش ؟ لأملأنّها خيلاً ورجالاً ، وسماه أبا فصيل تحقيراً له ، فقال عمر لأبي بكر أن يعطيه المال الذي جاء به ليسكت ، وقد تم ذلك ، وزاد بتولية ابنه يزيد بن أبي سفيان أن قال : وصلته رحم ، وهذا كله مذكور في التاريخ.
ألم يعطوا معاذ بن جبل المال الذي أتى به من اليمن بعد أن ساومه عمر على ذلك (٣) ، حتى أصبح معاذ ممن يشار إليه في القضاء ؟ لأنهم أخذوا بضبعه.
_____________________
١ ـ الأحزاب : ٥٧.
٢ ـ كنز العمّال ٥ : ٣٥٣ ، نقلاً عن ابن سعد وابن جرير.
٣ ـ كنز العمّال ٥ : ٣٤٢ ـ ٣٤٣ ، نقلاً عن عبد الرزاق وابن راهويه.