لأنه ناشئ من أخذه قيدا تحت الأمر والظهور الوضعي مقدم على الظهور الإطلاقي (١).
وفيه : ان المعارض مع إطلاق البدلية ليس أصل الظهور في دخل القيد بل إطلاقه لحال ما إذا جاء المكلف المضطر في أول الوقت بالوظيفة الاضطرارية ثم ارتفع عذره في الأثناء.
واما نكتة الحكومة فقد ذكر في بيانها : ان دليل الوظيفة الاختيارية بظهوره في دخل القيود والاجزاء في المصلحة الواقعية يقتضي لزوم حفظ القدرة عليها والمنع عن تفويتها بإيقاع النّفس في الاضطرار الّذي هو موضوع الوظيفة الاضطرارية ، وهذا يعني ان دليل الحكم الاختياري حاكم على دليل الحكم الاضطراري لأنه ناظر إلى موضوعه.
وهذا البيان غريب جدا ولو كنا رأيناه في كلام شخص آخر ينسبه إلى هذا المحقق لكنا نطمئن بخطائه ولكنه قد جرى على قلمه الشريف في مقالاته ، وكيف ما كان فمن الواضح ان الحكومة بملاك رفع الموضوع انما تعني رفع الموضوع شرعا بلحاظ عالم الجعل والاعتبار استطراقا إلى نفي حكمه ، كما إذا نفي الرّبا بين الوالد والولد فيحكم على دليل حرمة الرّبا لا محالة ، ولا تعني ان مجرد النهي والمنع عن الموضوع خارجا ـ كما إذا نهى ومنع عن الرّبا بين الوالد والولد ـ يكون حاكما على دليل حكم رتب على ذلك الموضوع ، إذ لو عصى وأوجد ذلك الموضوع فهذا الدليل لا يدل على انتفاء تحققه في الخارج لكي ينتفي حكمه المرتب عليه ، وما نحن فيه لو سلمت هذه الدلالات فغايته النهي عن إيقاع النّفس في الاضطرار واما لو أوقع نفسه فيه أو وقع فيه قهرا فدليل الحكم الواقعي لا ينفي تحقق الاضطرار ليكون حاكما على دليل الوظيفة الاضطرارية ، وكأنه وقع خلط بين النّظر في دليل إلى موضوع دليل آخر لنفيه أو إثباته تعبدا استطراقا إلى نفي حكمه أو إثباته ، وبين نظر دليل إلى موضوع دليل آخر للنهي عنه وتحريمه في نفسه فالأوّل هو ملاك الحكومة وليس مجرد نظر دليل إلى موضوع دليل آخر هو الحكومة أو الورود.
__________________
(١) مقالات الأصول ، ج ١ ، ص ٩٠.