كان مستحيلا لأن مانعية المعدوم مستحيلة ، وإن كان مانعا في ظرف وجوده فظرف وجوده هو ظرف ثبوت الأول في الرتبة السابقة بحسب الفرض فمانعيته عنه خلف بل يستلزم أن يكون عادما لنفسه وهو مستحيل ، وعليه فلا يمكن أن يكون الأمر بالمهم طاردا ومزاحما للأمر بالأهم وهو معنى عدم المانعية والتضاد بينهما ومعه لا وجه لفرض المطاردة من قبل الأمر بالأهم أيضا ، لأن ملاك المطاردة هو التضاد وهو لو كان كانت المطاردة من الطرفين وإلا فلا مطاردة حتى من طرف الأهم للمهم.
ويرد عليه : ان هذا التقريب مبني على توهم ان المطاردة بين الضدين من جهة المقدمية وكون كل منهما مانعا عن الآخر وان استحالة اجتماعهما استحالة بالغير إذ يلزم منه وجود المعلول مع عدم علته فيدفع بإقامة البرهان على عدم المانعية في المقام باعتبار الطولية ، ولكن قد تقدم فيما سبق ان استحالة اجتماع الضدين ليست استحالة بالغير بل استحالة بالذات (١).
الجهة الخامسة ـ ان القول بالترتب عليه إشكال رئيس هو استلزام الأمرين بالضدين ولو بنحو الترتب لطلب الجمع بين الضدين وهو غير معقول ، غير ان هناك إشكالات أخرى جانبية قد تورد على القول بالترتب لا بد من تمحيصها :
الإشكال الأول ـ دعوى استحالة الترتب باعتبار ان المترتب عليه الأمر بالمهم وهو عصيان الأهم اما أن يؤخذ بنحو الشرط المتقدم أو المقارن أو المتأخر ، اما أخذه بنحو الشرط المتقدم فيلزم منه أن يكون الأمر بالمهم فعليا في الزمن الثاني بعد زمن العصيان وترك الأهم ، وهذا خارج عن محل الكلام إذ ليس هو الترتب المبحوث عن إمكانه واستحالته إذ يقصد به أن يجتمع الأمران في زمان واحد لا أن يكون فعلية أحدهما في زمن متأخر عن زمن فعلية الأول. هذا مضافا : إلى أن موضوع البحث وقوع التزاحم بين واجبين مضيقين متضادين في الزمان الواحد بحيث لو فرض مضي جزء من ذلك الزمان بنحو تحقق به عصيان الواجب الأهم كان ذلك موجبا لمضي جزء
__________________
(١) بل ويرد عليه أيضا بأن امتناع اجتماع الأمر بالضدين انما كان من جهة التضاد بين متعلقيهما ولزوم طلب الضدين لا التضاد بينهما بالذات ومن المعلوم ان هذا الامتناع لا يرتفع إذا كان المتعلق لكل منهما باقيا على مضادته لمتعلق الآخر فلا بد من بيان لرفع محذور الجمع بين الضدين.