ثم ان صاحب الكفاية ( قده ) (١) أنكر شهادة الوجدان على إمكان تحريم الحصة غير الموصلة بل أبطل هذا الدليل بدعوى : استحالة المنع وتحريم غير الموصلة لاستلزامه تحصيل الحاصل في طرف الأمر بذي المقدمة. بتقريب : ان الأمر به موقوف على مقدورية مقدماته عقلا وشرعا ، بان تكون مباحة ، فإذا كانت الحصة غير الموصلة محرمة توقفت إباحة المقدمة على ان تكون موصلة المساوقة مع تحقيق ذي المقدمة فينتج توقف إيجاب ذي المقدمة على إباحة مقدماته الموقوفة على الوصول المساوق لحصوله فيكون إيجابه موقوفا على حصوله وهو تحصيل الحاصل.
وهذا الوجه قد أوضح مغالطته الميرزا ( قده ) (٢) بتقريب ان الموصلية قيد في المباح لا في الإباحة فالمقدمة الموصلة مباحة قبل فعلها والتوصل بها فيصح إيجاب ذيها ، ونضيف على ذلك : بأنه لا محذور في ذلك حتى لو جعلنا الوصول شرطا في الإباحة لا في المباح ، وذلك باعتبار أن الأمر بذي المقدمة موقوف على مقدورية مقدماته شرعا بمعنى عدم حرمتها المطلقة وليس موقوفا على عدم حرمتها المشروطة بعدم الوصول ، وعدم الحرمة المطلقة فعلية قبل تحقق المقدمة. وبعبارة أخرى : الأمر بذي المقدمة موقوف على الإباحة اللولائية لمقدماته ، أي إباحتها لو توصل بها إلى ذيها ، وهذه الإباحة اللولائية فعلية وهي تحت اختيار المكلف قبل وجودها ، والشرط في الأمر بشيء مقدورية مقدماته وإمكان إيقاعها على وجه شرعي لا أكثر من ذلك.
الدليل الرابع : ما أفاده صاحب الفصول أيضا من دعوى : ان الغرض من الطلب الغيري للمقدمة ليس غير حصول ذي المقدمة ، وهذا لا يكون الا في الموصلة منها والوجوب لا يكون أوسع مما فيه الغرض.
وهذا الوجه روح ما تقدم منا في البرهنة على المقدمة الموصلة ، وهكذا اتضح ان الصحيح هو اختصاص الوجوب الغيري على القول به بالمقدمة الموصلة فقط.
بقي في المقام تنبيهان.
التنبيه الأول : ان المقدمة لو كانت محرمة في نفسها مع افتراض أهمية الواجب
__________________
(١) كفاية الأصول ، ج ١ ، ص ١٩٠.
(٢) أجود التقريرات ، ج ١ ، ص ٢٤٠.