أقيمت لإبطال هذا القول ، وفي الأخرى ، عن الوجوه والبيانات التي يمكن على أساسها تشييد هذه المقالة الذكية التي انتبه إليها هذا المحقق.
اما المقام الأول : فبراهين بطلان القول بالمقدمة الموصلة يرجع بعضها إلى بيان عدم المقتضي للتقييد بالموصلة وبعضها إلى استحالة التقييد بها ، وفيما يلي نستعرض هذه الوجوه :
الوجه الأول : دعوى لزوم التسلسل من تخصيص الوجوب الغيري بالمقدمة الموصلة ، وذلك لأن المقدمة الموصلة مركب من ذات المقدمة وتقيدها بالإيصال إلى ذي المقدمة ، وبما ان الوجوب الغيري يثبت لمقدمة المقدمة أيضا ولا تختص بالمقدمة المتصلة ، فحينئذ يلزم التسلسل ، اما بتقريب يظهر من عبائر المحقق النائيني وحاصله : ان ذات المقدمة التي أصبحت مقدمة ثانوية ان كانت مقيدة بالإيصال إلى المقدمة الأولية أصبحت مركبة أيضا من ذات المقدمة الثانوية وإيصالها إلى المقدمة الأولية فلا بد من وجوب غيري ثالث. وهكذا حتى يتسلسل ، وان كانت غير مقيدة بالإيصال فلنقل بذلك من أول الأمر بلحاظ المقدمة الأولية (١).
ويكفي في جواب هذا التقريب ان ذات المقدمة تكون جزءا ومقدمة داخلية للمقدمة الموصلة ، والوجوب الغيري على القول به يترشح على المقدمة الخارجية. لأن نكتته التوقف في الوجود ، وهذا مفقود بالنسبة إلى الاجزاء.
واما بتقريب آخر حاصله : ان الواجب إذا كان الحصة الموصلة إلى ذي المقدمة أصبح ذو المقدمة قيدا في الواجب الغيري ، فلا بد وان يكون واجبا غيريا أيضا. وحيث انه متوقف على المقدمة فلا بد وان يترشح وجوب غيري آخر من إيجاب ذي المقدمة على المقدمة وهي أيضا مقيدة بالإيصال إليه ، وهكذا تتسلسل الوجوبات الغيرية.
والجواب :
أولا ـ بما سوف يأتي في محله من ان القول بالمقدمة لا ينحصر معناه في أخذ التوصل قيدا بل له معنى آخر هو ان الواجب الغيري عبارة عن العلة التامة أو ما يكون بمثابتها
__________________
(١) أجود التقريرات ج ١ ، ص ٢٣٨.