فحينما صدر الفعل من الغير يشك المكلف في انه لو ترك الفعل هل يكون عمله تفويتا للملاك غير مأذون فيه وذلك لعدم فوت الملاك بفعل الغير ، أو لم يصدر منه الا تفويت مأذون فيه لأنه قد فات الملاك بتأخيره إلى أن فعل الغير وكان تأخيره مأذونا فيه ، وهذا شك في أصل الاذن ومورد للبراءة. نعم لو فرضنا الالتزام فقهيا بأنه على تقدير مفوتية فعل الغير يجب عليه البدار جرت أصالة الاشتغال إذ يعلم المكلف حينئذ بعدم رضا المولى بتفويت الغرض ويشك في قدرته الآن على تحصيله ، وهو من الشك في القدرة على الامتثال الّذي يكون مجرى لأصالة الاشتغال. وقد تحصل بهذا البيان انه في الموارد المتعارفة في الفقه تجري البراءة دائما ، ولا مجال لما ذكروه من أصالة الاشتغال.
المسألة الثانية ـ إذا شك في سقوط الواجب بالحصة غير الاختيارية من فعل المكلف نفسه والبحث فيه أيضا تارة يكون على مستوى الإطلاق والأصل اللفظي وأخرى على مستوى الأصل العملي.
اما الأصل اللفظي ، فلو فرض انه ثبت بقرينة خاصة ان المادة ( متعلق الأمر ) مقيدة بالحصة الاختيارية من الفعل أمكن الرجوع إلى إطلاق الهيئة لإثبات ان وجوب هذه الحصة ثابت حتى إذا وقعت الحصة غير الاختيارية كما انه إذا ثبت إطلاق في المادة ثبت الإجزاء وسقوط الواجب لأن ما وقع يكون مصداقا له لا محالة فلا يبقى أثر للتمسك بإطلاق الهيئة حينئذ. وهذا يعني انه لا بد من ان ينصب البحث على تشخيص إمكان التمسك بإطلاق المادة وعدمه فان أمكن ثبت السقوط والا أمكن التمسك بإطلاق الهيئة لإثبات عدم السقوط على ما سوف يأتي الحديث عنه.
ولا ينبغي الإشكال ان مقتضى الإطلاق اللفظي للمادة هو الاجتزاء بالحصة غير الاختيارية من الفعل أيضا فلا بد لمن يمنع هذا الإطلاق من إبراز مقيد له ، ويمكن ان يقرر بأحد وجوه :
الأول ـ ما ذكره المحقق النائيني ( قده ) من ان ظاهر الأمر انه بداعي الباعثية والمحركية أي من أجل إيجاد الداعي في نفس المكلف ، وحيث يستحيل التحريك نحو غير المقدور يكون هذا الظهور الحالي مقيدا لبيا متصلا بالخطاب يقيد متعلقه بالحصة