وخزنها ، ثم استرجاعها وتحليلها فحسب ، بل يعتبره اهم اداة لمعرفة الخالق عز وجل ، ولولاه لاصبح الانسان بهيمة اخرى لا تعي من واقعها ولا تهتم بأمر مثل اهتمامها بغرائزها الحيوانية.
ولكن العقل البشري بدّل المعادلة الحيوانية وقلبها لصالح الانسان ، فاصبح هذا الكيان الكريم بحكم عقله مكلفاً بالمسؤوليات الشرعية ومحاسباً عليها. واصبح العقل ، الحجة التي يحتج بها الله عليه يوم القيامة. واذا كان العقل بهذه المنزلة الخطيرة في حياة الانسان ، فما هي ماهيته وما هي طبيعته ؟ وجواباً على هذا السؤال ، نقول ان الحكماء اجمعوا على ان العقل مرآة واقعية لتعقّل الاشياء وفهمها ، ومحطة ادراك الخير والشر والتمييز بينهما ، واعتبروه استعداد النفس لتحصيل النظريات والابتكارات. وبالاجمال فلكي يدرك العقل ويستوعب المعارف التي ينتفع بها ، فلابد للفرد من الاجتهاد في تنمية قوة ادراكه للخير والشر ، والتمييز بينهما عن طريق علوم الطبيعة والدين والاخلاق وما يتعلق بهما من معارف وغايات. فحينما يحاول العقل انشاء العلوم النافعة للانسان في حياته العملية ، فانه يستخدم طاقته الجبارة لانشاء نظرية معاشية تدله على تعلم العلوم التطبيقية لتدر عليه شتى انواع المنافع ، وتيسر له سبل العيش الانساني الكريم ، كعلوم الزراعة والصناعة والطب والهندسة والفضاء. ولا شك ان ترجمة الافكار التي ينشئها العقل ويحاول تطويرها وتنميتها لابد ان تتم عن طريق خاص يشترك فيه جميع الافراد في النظام الاجتماعي ، وهو النطق.
فيتميز تحصيل العقل وترجمة الافكار التي يحملها بالنطق ، فالانسان كيان ناطق ، وهذا النطق الذي يمثل رمز التفاهم بين الناس يميز هذا الكائن