إنَّ الذي تذهب إليه الإمامية أخذا بما جاء عن آل البيت عليهمالسلام ، هو نفس المعنىٰ المحقّق في اللغة ، وهو أنَّ الله تعالىٰ يُعيد قوماً من الأموات إلىٰ الدنيا قبل يوم القيامة في صورهم التي كانوا عليها ، فيعزّ فريقاً ويذلُّ فريقاً آخر ، ويديل المحقين من المبطلين ، والمظلومين منهم من الظالمين ، وذلك عند قيام مهدي آل محمد ( عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام ) الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد أن مُلئت جوراً وظلماً ، ولذلك تعدُّ الرجعة مظهرا يتجلىٰ فيه مقتضى العدل الإلهي بعقاب المجرمين علىٰ نفس الأرض التي ملأوها ظلماً وعدوانا.
ولا يرجع إلاّ من علت درجته في الإيمان ، أو من بلغ الغاية من الفساد ، ثم يصيرون بعد ذلك إلىٰ الموت ، ومن بعده إلىٰ النشور ، وما يستحقونه من الثواب أو العقاب ، كما حكىٰ الله تعالىٰ في قرآنه الكريم تمنّي هؤلاء المرتجعين الذين لم يصلحوا بالارتجاع ، فنالوا مقت الله ، أن يخرجوا ثالثاً لعلهم يصلحون : ( قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَىٰ خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ ) (١) ولكن أنّىٰ لهم ذلك وهم في عذاب مقيم ؟
__________________
(١) عقائد الإمامية ، للمظفر : ١٠٨ تحقيق مؤسسة البعثة. والآية من سورة غافر ٤٠ : ١١.