علىٰ أنَّ هذا السؤال لا يسوغ لأصحاب المعارف من المعتزلة ، لأنّهم يزعمون أنّ أكثر المخالفين علىٰ الأنبياء كانوا من أهل العناد ، وأنَّ جمهور المظهرين للجهل بالله يعرفونه علىٰ الحقيقة ويعرفون أنبياءه وصدقهم ، ولكنّهم في الخلاف علىٰ اللجاجة والعناد ، فلا يمنع أن يكون الحكم في الرجعة وأهلها علىٰ هذا الوصف الذي حكيناه ، وقد قال الله تعالىٰ : ( وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُوا يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ) (١). فأخبر سبحانه أنَّ أهل العقاب لو ردّهم الله تعالىٰ إلىٰ الدنيا لعادوا إلىٰ الكفر والعناد مع ما شاهدوا في القبور وفي المحشر من الأهوال وما ذاقوا من أليم العذاب (٢).
في معرض ردوده علىٰ أحمد أمين في افتراءاته علىٰ الشيعة الإمامية التي أوردها في كتابه ( ضحىٰ الإسلام ) وتراجع عن بعضها في أواخر حياته.
يقول أحمد أمين : وأمّا الرجعة ، فقد بدأ قوله ـ أي ابن سبأ ـ بأنّ محمداً يرجع ، ثم تحول إلىٰ القول بأنّ عليّاً يرجع ، وفكرة الرجعة أخذها ابن سبأ من اليهودية ، فعندهم أنّ النبي إلياس صعد إلىٰ السماء ، وسيعود
__________________
(١) الانعام ٦ : ٢٧ ـ ٢٨.
(٢) الفصول المختارة ، للمرتضىٰ : ١٥٣ ـ ١٥٧.
(٣) هو العالم الكبير السيد محسن بن عبدالكريم الأمين الحسيني العاملي ، من أشهر علماء عصره ، ولد في شقراء بلبنان نحو سنة ١٢٨٤ ه ، وتوفي في بيروت ١٣٧١ ه ، له كتاب أعيان الشيعة ، والرحيق المختوم « شعر » ، والحصون المنيعة ، والمجالس السنية ، وغيرها.