أن يستفاد من دابة الأرض مفهوم واسع ينطبق علىٰ أي إمام عظيم يرجع في آخر الزمان ، ويميّز الحق عن الباطل والمؤمن من الكافر ، وهو آية من آيات عظمة الخالق.
والتعبير الوارد في الروايات المتقدمة بأنّ معه عصا موسىٰ التي ترمز إلىٰ القوة والاعجاز ، وخاتم سليمان الذي يرمز إلىٰ الحكومة الإلهية ، قرينة علىٰ كون الدابة إنساناً مسدّداً بالقدرة الإلهية العظيمة بحيث يكون آية للناس ، إضافة إلىٰ ذلك فإنّ قوله تعالىٰ : ( تُكَلِّمُهُمْ ) يساعد علىٰ هذا المعنىٰ.
الحشر الخاص ، قوله تعالىٰ : ( وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا ).
سبق أن بيّنا أنَّ الآية الاُولىٰ ( أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ ) تتعلق بالحوادث التي تقع قبل يوم القيامة ، وذلك باتّفاق المفسرين ، وعليه تكون آية الحشر الخاص ( وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا ) مكملة لها ومرتبطة بها من حيث التسلسل الزمني للأحداث فضلاً عن سياق الآيات وترتيبها ، فقد وقعت آية الحشر الخاص بين علامتين من العلامات التي تقع قبيل الساعة وهي الدابة والنفخة ( وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ ) ممّا يدلُّ علىٰ أنّ الحشر الخاص يقع قبل القيامة وأنّه من علاماتها ، وعبّر تعالىٰ عن الحشر العام بعد نفخة النشور بقوله : ( فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ ... وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ ) ، إذن فهناك حشران حشر يجمع فيه من كلِّ أمة فوجاً وهو الرجعة ، وحشر يشمل الناس جميعاً وهو يوم القيامة ، وبما أنّه ليس ثمة حشر بعد القيامة إجماعاً فيتعين وقوع هذا الحشر بين يدي القيامة.