في عالم الاعتبار ، بل استعماله لا بقصد الحكاية ، سواء قصد به الإيجاد أو لم يقصد ، فالمأخوذ في معنى الإنشاء هو عدم قصد الحكاية لا قصد الإيجاد.
واما الإشكال من الجهة الثانية ـ أعني لزوم خروج بعض الإنشائيات عن الإنشاء ـ فقد أجيب عنه في مورد الصيغ المكررة بالالتزام فيما لا يقبل التأكيد والشدة والضعف كالملكية ، بلغوية الإنشاء الآخر وانه لا يعد إنشاء. وفيما يقبل الشدة والضعف كالطلب ونحوه ، بان الإنشاء الآخر تأكيد للأول بحيث يكون كل منهما دالا على مرتبة ما من الإرادة والطلب فيتأكد ولا يكون لغوا (١).
وأما بيع الغاصب فقد أجيب عن الإشكال به بما ذكره الشيخ في بعض كلماته في المكاسب : من ان الغاصب وان علم بعدم ترتب الأثر العقلائي على تمليكه لعدم كونه مالك المال ، إلاّ انه حيث يكون في مقام الإنشاء يدعي لنفسه الملكية ويبنى على انه هو المالك ومن له حق التصرف من باب الحقيقة الادعائية. وعليه فيترتب عليه ما يترتب على المالك من إمكان قصد الإيجاد ولو لم يتحقق الإيجاد حقيقة. وهذا الجواب لا يتأتى في بيع الفضولي لأنه لا يدعي لنفسه الملكية كالغاصب ، فيبقى الإشكال من جهته على حاله ، كما يبقى الإشكال في الموارد الأخرى.
والتحقيق انه يمكن دفع الإشكال في سائر الموارد ، بان يقال : انه ليس المراد من الإنشاء هو استعمال اللفظ بقصد إيجاد المعنى في عالمه على ان يكون إيجاد المعنى بمنزلة الداعي ـ ويراد من القصد معنى الداعوية ـ ، كي يقال باقتضاء ذلك ترتب الإيجاد على الإنشاء مباشرة وفعلا كما هو شأن كل داع ، فانه سابق بوجوده التصوري متأخر بوجوده العيني الخارجي ومترتب فعلا على
__________________
(١) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. فوائد الأصول ـ ٢٨٧ ـ المطبوعة ضمن الحاشية.