« بل التحقيق ان أسماء الإشارة والضمائر موضوعة لنفس المعنى عند تعلق الإشارة به خارجا أو ذهنا بنحو من الأنحاء ، فقولك هذا لا يصدق على زيد مثلا إلاّ إذا صار مشارا إليه باليد أو بالعين مثلا ، فالفرق بين مفهوم لفظ المشار إليه ولفظ هذا هو الفرق بين العنوان والحقيقة ، نظير الفرق بين لفظ الربط والنسبة ، ولفظ من وفي وغيرهما ، وحينئذ فعموم الموضوع له لا وجه له أصلا ، بل الوضع حينئذ عام والموضوع له خاص كما عرفت في الحروف » (١). وتابعة على هذا الاختيار السيد الخوئي ، إلاّ انه خص الموضوع له بما تعلقت به الإشارة الخارجية كما هو صريح تقريرات الفياض (٢).
والّذي يرد على هذا الاختيار وجهان :
أولهما : وهو جدلي ، انه يستلزم الوضع إلى الموجود بما انه موجود ، وذلك لأن الإشارة لا تتعلق الا بالموجود ، فإذا كان الموضوع له هو المعنى المقارن للإشارة إليه كان معنى اسم الإشارة هو الموجود لا المفهوم ، والوضع للموجود ـ وان لم يتضح لدينا امتناعه إلاّ انه ـ مما يلتزم بامتناعه كلا المحققين.
وثانيهما : انه إذا كان الموضوع له هو المعنى المقارن للإشارة الخارجية ـ كما يلتزم به السيد الخوئي ـ امتنع استعمال اسم الإشارة في الكليات والأمور الذهنية ، لامتناع تحقق الإشارة الخارجية إليها ، مع ان استعمال اسم الإشارة في الكليات والأمور الذهنية مما لا يحصى بلا تجوز ولا مسامحة ، فيقال : « هذا الكلي كذا وذاك كذا » و: « المعنى الّذي في ذهنك لا أقصده » وغير ذلك من الأمثلة. هذا مع انه قد يستعمل لفظ الإشارة في المعنى الخارجي بلا انضمام إشارة خارجية إليه ، كما لو لم يكن المتكلم قاصدا اطلاع غير المخاطب على ارتباط الحكم
__________________
(١) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ١ ـ ٢١ ـ الطبعة الأولى.
(٢) الفياض محمد إسحاق. محاضرات في أصول الفقه ١ ـ ٩١ ـ الطبعة الأولى.