عزوفه عن أعراف الذي كان يعيشه ، حسبما تتطلبه موقعيته الاجتماعية ـ ولا أعني بذلك العزوف الشاذ ، بل عزوف الزهد والرغبة عنه ـ لا يهمه سوى طلب العلم والتزود منه بما أوتي من حول وطول ، فكان مغداه بهذا الامل وممساه على هذه النية. وحينما وجد لنفسه من ذلك الرصيد الكافي واللازم كان همه الانفاق بما اكتسبه وتزود منه على أهله ، وفي سبيل رضاه تعالى. وكأنه كان بعمله هذا يهدف إلى ما أرشدت إليه الحكمة المأثورة ، عن امام الأئمة ، أمير المؤمنين ، عليه الصلاة والسلام : ( المال تنقصه النفقة ، والعلم يزكو على الانفاق ).
ولو شئنا أن نوجز حياة الفقيد طاب ثراه ، لحق أن يقال : إنه ـ رحمه الله ـ في ابتغائه العلم كان أحد المنهومين اللذين عنتهما الكلمة المأثورة عن أمير المؤمنين عليه السلام ( منهومان لا يشبعان : طالب علم ... ) ، وكان في حياته الاجتماعية ، مصداقا حيا لقوله عليه السلام : ( خالطوا الناس مخالطة ، إن متم معها بكوا عليكم وان عشتم حنوا إليكم ). طيب الله مثواه.
خاتمة المطاف :
لقد قضي ـ وللأسف ـ على حياة الفقيد ـ رحمه الله ـ التي كانت معقد الآمال في الحوزة العلمية ، بقيام الفئة الباغية المجرمة باعتقال الذكور من أسرة آية الله العظمى الحكيم طاب ثراه ، كهولا ، وشيوخا ، وشبانا ، وأطفالا منذ العاشرة من العمر ، ومن بينهم سيدنا الفقيد ، في ليلة الثلاثاء ٢٦ رجب ١٤٠٣.
وقتل مظلوما صابرا مع اثنين من اخوته وثلاثة من أبناء اخوته في ( ٧ / شعبان / ١٤٠٣ ه ـ ٢٠ / ٥ / ١٩٨٣ ) ثم تلى ذلك وجبات أخرى من الاعدامات بحق أنجال ، وأحفاد .. آية الله العظمى الحكيم ، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم. ( ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون * ألم تر كيف فعل ربك بعاد * إرم ذات العماد * التي لم يخلق مثلها في البلاد * وثمود الذين