ونفي تأثير المشكوك بأصالة عدم ترتب الأثر. نعم لو لم يكن قدر متيقن أمكن القول باستلزامه إمضاء المسبب إمضاء أسبابه جميعها ، لأن الحكم بإمضاء بعضها دون آخر ترجيح بلا مرجح ، والحكم بعدم إمضائها كلها يستلزم اللغوية. واما بناء على التحقيق من تعدد المسبب بتعدد السبب ، بمعنى ان لكل سبب مسبب على حدّه فإنشاء زيد سبب لملكية غير الملكية الحاصلة بإنشاء عمرو وهكذا ، ولا يختلف ذلك باختلاف مباني الإنشاء فلا يتم ذلك ـ أعني عدم كون إمضاء المسببات إمضاء الأسباب ـ ، وذلك لأن كل مسبب لا ينفك عن سببه ، فالدليل المتكفل لإمضاء المسبب بقول مطلق يستلزم إمضاء المسبب مطلقا ، إذ لا ينفك إمضاء المسبب عن إمضاء سببه حينئذ ، وإلاّ لكان إمضاء المسبب لغوا (١).
ولا يخفى ما في هذا الوجه ، فانه لا يصلح ردا للإشكال الذي ذكرناه ، فانه بعد ثبوت ان الدليل المتكفل لإمضاء المسبب لا يكون ناظرا عرفا إلى جهة السبب ويكون مجملا من هذه الجهة ، فلا يجدي تعدد المسبب في إثبات إمضاء السبب المشكوك ، لعدم العلم بإمضاء المسبب الناشئ من السبب المشكوك للشك فيه من جهة السبب ، والمفروض إجمال الكلام من هذه الجهة فلا إطلاق للكلام كي يتمسك به.
ومن هنا يظهر انه لا يجدي في إثبات إمضاء السبب كونه من قبيل المبرز والكاشف عن الاعتبار النفسانيّ لا السبب والمسبب ـ كما هو مذهب السيد الخوئي في باب الإنشاء ـ ، وانه ليس لدينا سبب ومسبب ، بل كاشف ومنكشف ، إذ إمضاء الاعتبار النفسانيّ لا يستلزم إمضاء كاشفه ـ بعد فرض دخله في تحقق الأثر ـ ، إذا ثبت عدم نظر الدليل عرفا إلى جهة العقد وسمي كاشفا أو سببا أو آلة ، لإجمال الدليل من جهة العقد. نعم لو ادعي ـ كما ثبت ذلك ـ كون الموضوع
__________________
(١) الفياض محمد إسحاق. محاضرات في أصول الفقه ١ ـ ١٨٨ ـ الطبعة الأولى.