فيجتمع فيه اللحاظان في آن واحد. وقد ذكر المحقق الأصفهاني وجها لإبطاله ، لا نطيل البحث بذكره ، بعد وضوح بطلان الوجه (١).
الثاني : ان يحمل ما ورد من الروايات في هذا المقام على الحث على قصد المعنى مقارنا للقراءة لا قصده بها ، فتطلب الهداية مقارنا لقراءة : ( اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ) (٢) ، لا انها تطلب بها (٣).
وهذا الوجه وان كان يتخلص به عن المحذور المذكور ، إلاّ انه في الحقيقة التزام به والتخلص بتأويل ، كما لا يخفى.
الثالث : ما ذكره المحقق الأصفهاني قدسسره في حاشيته على الكفاية ، وإليك نصّ عبارته : « ويمكن ان يجاب أيضا : بان القراءة ليست الحكاية عن الألفاظ بالألفاظ واستعمالها فيها ، بل ذكر ما يماثل كلام الغير من حيث انه يماثله في قبال ذكره من تلقاء نفسه ، وهذا المعنى غير مشروط بعدم إنشاء المعنى به حتى يلزم الجمع بين اللحاظ الاستقلالي والآلي فيما يماثل كلام الغير من حيث انه يماثله بقصد المعنى ، فان من مدح محبوبه بقصيدة بعض الشعراء ، فقد قرأ قصيدته ومدح محبوبه بها ، نعم لو لم يلتفت إلى ذلك ومدحه بها أنشأ من تلقاء نفسه لم يصدق القراءة وان كان مماثلا لما أنشأه الغير. فتدبر جيدا » (٤).
والتحقيق في المقام ان يقال : ان القراءة إيجاد طبيعي المقرو بفرده مع قصد ذلك.
بيان ذلك : ان الشعر عبارة عن تصوير المواد اللفظية بصورة خاصة ، فانه هو عمل الشاعر. اما نفس المواد فهي موجودة في نفسها ولا يوجدها الشاعر ، والصورة التي يحدثها الشاعر للمواد اللفظية عارضة على طبيعي الألفاظ في
__________________
(١) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ١ ـ ٦٨ ـ الطبعة الأولى.
(٢) سورة الحمد : الآية : ٦.
(٣) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ١ ـ ٦٨ ـ الطبعة الأولى.
(٤) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ١ ـ ٦٨ ـ الطبعة الأولى.