وقد استشكل المحقق الأصفهاني في حاشيته على الكفاية تعبير صاحب الكفاية عن الاشتباه المزبور بأنه من اشتباه المفهوم بالمصداق ، ببيان : ان اشتباه المفهوم بالمصداق انما يكون في مورد يوضع اللفظ للمصداق بما انه مصداق وبما هو كذلك ويستعمل فيه مع هذا اللحاظ ، فيدعى وضعه للمفهوم كما لو وضع اللفظ للغرض بالحمل الشائع ، فيدعى وضعه للغرض بالحمل الأولي. اما مع عدم الوضع للمصداق فلا يكون ادعاء وضعه للمفهوم من باب الخلط بين المفهوم والمصداق. والحال في المعاني المذكورة كذلك ، إذ لم يوضع اللفظ لمصاديقها جزما. فالمتجه على هذا : التعبير بالاشتباه ، لا غير (١).
وأنت خبير بان هذا التعبير كما يمكن ان يراد به ما ذكره المحقق الأصفهاني يمكن ان يراد به ما قصده المحقق الخراسانيّ ، إذ يصح التعبير به عن دعوى الوضع للمفهوم مع استعماله في المصداق لتخيل استعماله في المفهوم.
ويكون من باب اشتباه المفهوم بالمصداق في مقام الاستعمال الّذي لوحظ طريقا لمعرفة الوضع.
وبالجملة : ليس في وضع التركيب المذكور ما يعين كون مفاده ما ذكره الأصفهاني ، بل هو تركيب يمكن ان يقصد منه ما يتلاءم معه. فلاحظ ، والأمر سهل ، لأن الإيراد أدبي لا جوهري علمي.
ثم ان صاحب الكفاية بعد هذا لم يستبعد كون الأمر موضوعا للطلب في الجملة ـ يعنى بلا تعيين كونه الوجوبيّ أو الأعم أو غير ذلك من الخصوصيات التي يتكلم في أخذها فيه ـ وللشيء وحقيقة فيهما (٢).
وقد أورد عليه المحقق الأصفهاني : بان وضع الأمر للشيء يقتضي
__________________
(١) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ١ ـ ١٠٣ ـ الطبعة الأولى.
(٢) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٦٢ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهمالسلام.