اختيار الشخص. وهذا لا يمكن ان يلتزم به في باب التكليف ، فكيف يكون متعلقا للاعتبار؟.
وثانيا : انه خلاف ما يصرح به القائل نفسه من كون الحكم المجعول هو ما يمكن ان يكون داعيا الّذي يرجع إلى جعل الداعي والباعث ، وهو غير جعل البعث.
وثالثا : ان الاعتبار شيء لا بد ان يكون بلحاظ ترتب أثر عليه بوجوده الحقيقي ، فيقصد ترتيبه عند اعتباره ، كما في الملكية ونحوها. وهذا انما يكون إذا لم يكن الأثر مما يترتب بدون الاعتبار وإلاّ كان لغوا ، والأثر المترقب من جعل التكليف هو لزوم الطاعة عقلا. وهذا يترتب بمجرد وجود الغرض الملزم مع تصدي المولى لتحصيله ، سواء تحقق اعتبار البعث أم لا ، فإذا حصل التصدي وجبت الطاعة ولو لم يعتبر أي شيء وعليه يكون الاعتبار لغوا لا أثر له.
ويتحصل من ذلك : ان مفاد الصيغة ليس امرا مجعولا ، بل مفادها ما عرفت من نسبة صدور الفعل إلى الإرادة النفسيّة وغيرها من الصفات ، والمتكلم حيث يستعملها في هذا المقام يتحقق به مصداق التصدي ، فتلزم الحركة على طبق الغرض الملزم ، فالطلب عنوان الصيغة لا مدلول لها ، كما انها لا تكشف إلا عن أمر تكويني لا جعلي.
هذا هو المشهور. وقد نسب إلى المحقق الشيخ هادي الطهراني رحمهالله دعوى كون الهيئة موضوعة للنسبة الصدورية بين الفعل والمخاطب بداعي الطلب ، فان استعمال الهيئة في النسبة الصدورية قد يكون بداعي الاخبار كما هو الحال في الجمل الخبرية كـ : « ضرب زيد » ونحوه. وقد يكون بداعي الإنشاء والإيجاد ، كما هو الحال في الألفاظ الموضوعة لما يقبل الإيجاد كـ : « بعت » ونحوه. وقد لا يكون بكلا الداعيين بل بداع آخر ، كداعي الطلب. فهيئة الأمر مستعملة في النسبة الصدورية ولكن بداع الطلب ، وقصد تحقق الفعل ، لا بداعي الاخبار ،