وفيه : انه إذا كان الموضوع قابلا للدعوة عقلا والتحريك بمقتضى حكم العقل ، وانما كان ذلك معلقا على تحقق موضوعه وهو العلم بأخصية الغرض وعدم وفاء ذات الفعل بتمام الغرض ، فلا يحتاج إلى الأمر المولوي الثاني وجعل الداعي لفرض وجود ملاك البعث والمحركية وقابلية المورد لذلك ، بل يكفي الكشف عنه بالجملة الخبرية أو الإنشائية على ان يكون الأمر إرشاديا لا مولويا ، لعدم الاحتياج إليه بعد تحقق الدعوة عقلا بمجرد الانكشاف ، فلا تكون للأمر وظيفة الداعوية ، بل وظيفة الكشف عن أخصية الغرض وبها يكون إرشاديا لا مولويا.
وقد حمل المحقق الأصفهاني قدسسره عبارة الكفاية على ما أفاده المحقق العراقي تقريبا ، فانه بعد ان بيّن الفرق بين الجزء والشرط بان الأول ما له دخل في أصل الغرض ، والشرط ما له دخل في فعلية التأثير ، وان الشرط تابع في الإرادة والدعوة للجزء ، فان ما يدعى إليه بالأصالة وأولا وبالذات وهو ذات ما يفي بالغرض ، اما ما له دخل في فعلية التأثير فلا يدعو إليه الغرض في عرض السبب ، بل الدعوة إليها وإيجادها انما تكون بأغراض تبعية تنتهي إلى الغرض الأصلي وان من الشرائط قصد القربة ـ بعد ان ذكر هذا المعنى بنحو مفصل تقريبا ، اختصرناه لعدم كونه محل الكلام هنا بل الكلام فيه في مبحث مقدمة الواجب ـ ، ذكر : ان لزوم الإتيان بقصد القربة اما من باب حكم العقل بلزوم الإتيان به بعنوانه ، وهو ممنوع. أو من باب حكم العقل بلزوم الإتيان بما يحتمل دخله في الغرض ، وهو ممنوع أيضا ، لأنه انما يحكم بذلك في المورد الّذي لا يتمكن الآمر من بيانه ولو بأمر آخر والمفروض إمكانه بأمر ثان (١).
وقد أشرنا سابقا في مناقشة المحقق العراقي إلى : ان نظر المحقق صاحب الكفاية ليس إلى حكم العقل من باب الاحتياط ، بل من باب آخر ، إذ التزامه
__________________
(١) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ١ ـ ١٣٥ ـ الطبعة الأولى.