فيها المحقق النائيني رحمهالله بعدم جوازه وعدم تحقق الإطاعة به ، لأن الإطاعة التفصيلية مقدمة على الإجمالية واكتفي بهذا المقدار من الدعوى والدليل الّذي هو دعوى محضة أيضا (١). وفي قباله جزم المحقق الأصفهاني رحمهالله بجواز الامتثال الإجمالي لأن الانقياد عن احتمال الأمر أعظم من الانقياد عن وجود الأمر.
ولم يحقق البحث بشكل يتضح به أحقية أحد الرأيين ، بل اكتفي سلبا وإيجابا بما يشبه الدعوى. فلا بد لنا من تحقيقه هنا. كما انه لا بد من معرفة موضوع النزاع وما يدور عليه النفي والإثبات واقعا وفي الحقيقة ، فنقول : الكلام ليس في حسن الانقياد فانه ليس من أحد ينكر حسن الانقياد ومقربيته. وانما الكلام في ان الانقياد هل هو من صفات الفاعل فقط والفعل على ما هو عليه في الواقع ، أو انه يوجب تعنون الفعل بعنوان حسن ويستلزم طرو عنوان الحسن على الفعل المنقاد به؟. فإذا كان الانقياد من صفات الفاعل ولا يسري حسنه إلى الفعل لم يكن الفعل مقربا فلا يتحقق به الامتثال إلاّ إذا كان بذاته حسنا. وإذا كان حسنه يسرى إلى نفس الفعل ويكون الانقياد من عناوين الفعل لا من صفات الفاعل يكون نفس الفعل مقربا فيتحقق به الامتثال والإطاعة. ومثل هذا الكلام يجري بالنسبة إلى التجري ، فيقال ان التجري القبيح من صفات الفاعل أو انه من العناوين المنطبقة على الفعل فيكون نفس الفعل قبيحا؟. كما يجري نظيره في التشريع ، فيقال انه هل ينطبق على نفس الفعل فيكون الفعل محرما ولذا يفسد إذا كان عبادة ، أو لا ينطبق عليه بل هو من صفات الفعل فلا يكون الفعل بنفسه محرما.
وبالجملة : فيقع البحث في ان الانقياد من صفات الفاعل أو من صفات
__________________
(١) الكاظمي الشيخ محمد علي. فوائد الأصول ٢ ـ ٢٦ ـ الطبعة الأولى.