الاشتغال لا البراءة ، إذ ليس الشك في أصل التكليف ، وبهذا التزم المحقق النائيني (١). وبعكسه تماما التزم المحقق العراقي فذهب إلى كون المورد مجرى البراءة وان التزم بالاحتياط في مورد الشك في التعيين والتخيير. وذلك ببيان : ان منشأ القول بالاحتياط في مقام دوران الأمر بين التعيين والتخيير هو وجود العلم الإجمالي باشتغال ذمة المكلف اما بوجوب صلاة الظهر يوم الجمعة ـ مثلا ـ مطلقا ولو مع صلاة الجمعة ، واما بوجوب الجمعة في حال ترك الظهر ، ونتيجة هذا العلم هو الاحتياط بفعل ما يحصل به الفراغ اليقيني وهو صلاة الظهر. وهذا العلم الإجمالي غير موجود فيما نحن فيه ، لأنه يعلم تفصيلا بأنه مخاطب بهذا الفعل لعدم كون الفعل الآخر ـ أعني فعل الغير ـ عدلا له ، لأنه ليس مقدورا له. وحيث انه يعلم بأنه مخاطب بالفعل في حال ترك الغير له ويشك في وجوبه عليه في حال إتيان الغير به فله ان يجري البراءة في حال إتيان الغير به ولا يلزمه الإتيان بالفعل لأصالة البراءة من وجوبه عليه (٢).
ويقع الكلام معه في نقطتين :
إحداهما : في تقريبه جريان الاحتياط في مسألة الشك في التعيين والتخيير بوجود العلم الإجمالي ، فانه غير وجيه ، وذلك : لأن طرف العلم الإجمالي ليس هو أصل وجوب صلاة الظهر للعلم التفصيليّ بوجوبها اما تخييرا أو تعيينا ، وانما طرفه هو إطلاق وجوب صلاة الظهر كما بيّنه قدسسره وشموله لصورة الإتيان بصلاة الجمعة ، فانه يعلم إجمالا اما بوجوب صلاة الظهر مطلقا أو وجوب صلاة الجمعة عند ترك الظهر ، فطرفا العلم الإجمالي في الحقيقة هما وجوب الجمعة عند ترك الظهر ووجوب الظهر عند الإتيان بالجمعة ، وهذا العلم الإجمالي غير مجد
__________________
(١) المحقق الخوئي السيد أبو القاسم. أجود التقريرات ١ ـ ٩٩ ـ الطبعة الأولى.
(٢) الآملي الشيخ ميرزا هاشم. بدائع الأفكار ١ ـ ٢٤٨ ـ الطبعة الأولى.