المختار وولاية علي بن الحسين عليهما السلام
لقد استتب الأمر للمختار في الكوفة ، وامتدتّ سلطته إلى أطراف أخرى من العراق ، ومن ثمّ تجاوزت حتى شملت أجزاء من بلاد فارس (١) ، ويكون بهذا قد أرسى قواعد الدولة التي أراد. وإزاء وضع كهذا يبدو من حق المرء أن يتساءل عن سبب عدم قيامه بتسليم مقاليد السلطة للعلويين ليباشروا الحكم بشكل مباشر ، وهل يعتبر موقفه هذا مُدخلاً للتشكك بصدق نيّته؟ ولماذا لم يبادر الإمام علي السجّاد عليهالسلام إلى المطالبة بحقّه باعتباره المؤهّل الوحيد لهذه المهمّة بحكم (إمامته) ، كما فهمناها عنهم أهل البيت عليهمالسلام ، أنّها مجرّد تساؤلات لكن نرى فيها شيئا من الموضوعية.
وللإجابة عليها نقول : أن المرحلة التي سبقت مأساة كربلاء كانت قد أظهرت ملامح الارتداد والنكوص والتردّي في إيمان الأُمّة ، ثم جاءت واقعة الطفّ لتؤكّد ذلك الانحدار ، والهبوط في المستوى الإيماني. الشأن الذي يتطلّب فعلاً روحانيا مزلزلاً للواقع ، لكل ما سيطر عليه من شهوات ومطامع دنيوية على آمال الخلود الأخروي.
فمن يتولّى أداء ذلك الفعل المزلزل وكيف؟
__________________
(١) بحار الأنوار ٤٥ : ٣٤٠.