خفّفت من حدّة الموقف فأمر به فغُيِّب (١).
أدخل المختار إلى السجن ، ولم يداخله اليأس من العودة إلى الحياة الحرة لمواصلة ثورته ، لأنّ البطل الذي يقوم بما قام به المختار من أعمال جبارة لايمكن أن يتسرب إليه اليأس والنكوص ، فإذا عرفنا بأنّه لم يكن رجلاً عاديا ولا من سائر الناس ، أدركنا بأنه رجل ملئ بالثقة والاطمئنان شأنه في ذلك شأن بقية الأبطال الثائرين ، فمن المؤكد بأنه لا يدري بوثوق بأن الحركات السياسية معرضة للفشل كما أنها معرضة للانتصار ، وهو يدري بأنه هو وأمثاله ينبغي لهم أن يعيدوا الكرة مرة أخرى إذا هم فشلوا في حركاتهم ومن شأنهم أنهم يحاولون مرة بعد أخرى حتى ينتصروا ، أما اليأس والتراجع فهما من صفات الجبناء المغفلين لامن صفات الأبطال الناهضين ، لذلك تملكه الأمل والرجاء في المستقبل.
فبقى صامدا ينتظر الساعة التي يخرج من السجن ويعمل في الحياة السياسية الثورية ، آملاً أن يحقق ذلك بعد أن يعمد إلى الخلاص من السجن حين تنتهي هذه الظروف أو تأتي فرصة تسمح له بالخروج ، فهو واثق من تحطيم أغلال السجن ويعيد العمل في الأمر الذي نذر نفسه من أجله وهو الطلب بثأر الحسين عليهالسلام.
وظل بهذه الخواطر ونحوها وهو في محبسه بـ (قصر الإمارة) ، حتى انبثقت في ذهنه فكرة كانت بمثابة الخلاص من السجن ، وهي أن يكتب إلى عبد اللّه بن عمر ليتولّى مسألة إطلاق سراحه ، يقول المؤرخون أن شقيقته
__________________
(١) المختار الثقفي / أحمد الدجيلي : ٣٤.