لتلافي الموقف ومعه (عبد اللّه بن الحرث) ، وهو يحمل رايته الخضراء حتى انتهى به المطاف إلى (باب الفيل).
ولكن رأى فور وصوله ما لم يكن يقدر أن يراه ، رأى الكوفة وهي تموج بحركة قوية عنيفة وعلى رأسها السفاح (عبيد اللّه بن زياد) يصفعها بالسيف والسوط ، فماذا يكون موقفه ضد ذلك التيار الجارف؟ أتراه يقاتل بتلك الجماعة الضئيلة؟ كلاّ ، ولكنه الاستسلام والخضوع للأمر الواقع وليدخر ما عنده من قوى إلى فرصة أخرى ، فلبث وهو لا يدري ما يصنع حتى أُشير عليه أن يجلس تحت راية (عمرو بن حريث) ـ راية الأمان ـ ليأمن على حياته من هذا الطاغية ، فقبل مشورة ذلك الرجل الذي أشار عليه بالدخول تحت الطاعة والخضوع ، ولكنه قال ما يدل على تأثره وانزعاجه (أصبح رأيي مرتجيا لعظم خطيئتكم) ، وأكد عمرو هو الآخر أن يشهد له بالبراءة أن بلغ الأمير عنه ما يريب.
ولكنه سرعان ما مثل بين يدي اللعين ابن زياد :
ابن زياد : أنت المقبل في الجموع لتنصر ابن عقيل وتتولّى أبا تراب وولده.
المختار : أما علي وأولاده فإنّي أحبّهم لمحبّة رسول اللّه. وأما نصرتي لمسلم فلم أفعل.
فانبرى عمرو عند ذلك وشهد له بالبراءة ، ولكن ابن زياد أبى أن يستجيب لهذه الشهادة والعمل على إخلاء سبيله ، بل عمد إلى سوط واستعرض به وجهه ضربا حتى أدماه ، كما أصاب عينه فشترها ، وهذا المشهد العدواني لاشك قد أثر في نفسه تأثيرا قويا وأومى إليه بالقسوة والانتقام وبخاصة من (ابن زياد) ، الذي حاول أن ينفذ فيه القتل ولكن شهادة عمرو